أ. السنية مسعودي سعاد تبين أهمية كتاب بلاغات النساء لابن طيفور ومكانته واعتقاده بصحة الخطبة الفدكية
بتاريخ : اليوم الساعة : 01:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
أوضحت الأستاذة السنية مسعودي سعاد أهمية كتاب "بلاغات النساء" لابن طيفور ومكانة مؤلفه الرفيعة، كما أثبتت صحة الخطبة الفدكية وروعتها، مشيرة إلى اعتقاد ابن طيفور بصحتها.
ذكرت الأستاذة السنية مسعودي سعاد في رسالتها (1)ما يلي:"
المقدمة:
" وقد وقع اختيارنا على أحد الكتب القيمة المصنفة لهذا الأدب، ويتمثل في كتاب " بلاغات النساء وطرائف كلامهن وملح نوادرهن وأخبار ذوات الرأي منهن وأشعارهن في الجاهلية والإسلام " لصاحبه الإمام" أبي الفضل أحمد بن أبي طاهر ابن طيفور"
هذا الكتاب في بلاغات النساء وأقوالهن شعرآ ونثرآ في جميع أفانين الكلام ، وهو خلاصة منتخبة من صميم البلاغات العربية المروية عن النساء تتخللها شذرات طريفة من فصح الرجال التي قضى سياق الكلام بذكرها. يطبع في نفس قارئه ملكة البيان ويشرف الناظر فيه على معارف مفيدة في اكتناه كثير من الأحوال الاجتماعية والثقافية عن المرأة العربية في الجاهلية وصدر الإسلام. وشجعني على اختياره كونه من مؤلفات إمام من أعلام القرون الأولى الذين أخذوا اللغة وآدابها عن العرب الصميم. وتأتي أهمية هذا الكتاب من كونه ألف في فترة مبكرة من بدايات التأليف في التراث العربي الإسلامي وعد كتابآ رائدآ غير مسبوق في هذا السياق كونه أول كتاب جامع وصل إلينا مخصص لأقوال النساء وأشعارهن ونوادرهن. كما يظهر من غزارة مادته نشاط المرأة الإبداعي والبلاغي ما يعكس صورة عن حياة المرأة بصفة عامة" انتهى.
ص 5:" كان ابن طيفور أحد البلغاء الشعراء ، الرواة من أهل الفهم المذكورين بالعلم ، وقد حاز ثقافة واسعة ، ظهرت آثارها من خلال الكتب التي صنفها." انتهى.
ص9:" المؤكد أن " ابن طيفور" من خلال عنوان كتابه يكون قد عثر على التقليد الأدبي العربي القديم القائم على المفاضلة بين النصوص المقبولة والنصوص المرذولة ، وفقآ لقيم خاصة . وهذا التمايز يستند في الأصل كما أشرنا إليه في السابق إلى أبعاد ثقافية واجتماعية وتاريخية . فمع التطور التاريخي روعيت في تدوين الأخبار والأشعار اعتبارات محددة هدفها الرئيسي النص الجدير بالتقدير ، وإهمال غيره من النصوص التي لا ترقى إلى المكانة الخاصة التي وضعوها للنص . وكنتيجة فإن اهتمامه بهاته النصوص دليل على أنها تدخل في دائرة النص المقبول وتخرج عن دائرة النص المرذول الذي يقابل بالإهمال والتهميش . واعتماد نصوص لنساء في الجاهلية وصدر الإسلام تؤكد فرضيتنا السابقة حول محاولات حماية " النص المقبول" من " اللانص" يؤكد هذا اعتماده السند في رواياته وادعاء صحة الرواية" انتهى.
ص 37- 38:" ولما كان للصورة من دور هام في التأثير والإيضاح ، كان لا بد للخطيبات أن يعنين بالتصوير في خطاباتهن ، وأن تشتمل على محسنات بديعية واستعارات ومجازات وتشبيهات ، لكن دون مبالغة وإفراط، ودون أن يكون القصد منها التزيين والتنميق بقدر غاية التأثير والإيضاح ، أخذآ بقول الجاحظ:" رأس الخطابة الطبع وعمودها الدربة وجناحها رواية الكلام ، وحليها الإعراب ، وبهاؤها تخير اللفظ والمحبة مقرونة بقلة الاستكراه والإيجاز"، فالمقام هذا مقام حرب ودفاع والكلمة للسيف لا للقرطاس والقلم.
تستوقفنا خطبة فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم- وقد جاءت هذه الخطبة في روايتين مختلفتين في الكتاب، تخاطب فيها أبابكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار ، تخاصمه حول حقها في فدك ، ويشير أن هناك من نسب ما جاء في كلام فاطمة بنت محمد رضي الله عنها إلى أنه من وضع أبي العيناء ، مع الإشارة إلى أن الطعن في نسبة هذا الكلام البليغ إلى فاطمة ، أما قصة الإرث فهي صحيحة، يقول:" الخبر منسوق البلاغة على الكلام" . ولم يورد لهذه الإشارة إلا كي ينفي صحتها فهو يقول أنه سأل عن هذا الأمر زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم- فأكد له نسبة هذا القول إلى جدته فاطمة رضي الله عنها :" قال لي: " رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونه أبنائهم ، وقد حدثنيه أبي عن جدي يبلغ به فاطمة على هذه الحكاية ورواه مشايخ الشيعة وتدارسوه بينهم".
يبدأ النص بوصف خروجها :" خرجت في لمة من نسائها ولمة من قومها ، حتى وقفت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار " ثم يعرض قولها :" فتقول بعد أن أسبلت بينها وبينهم سجقآ : " الحمد لله على ما أنعم و وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم من عموم نعم ابتداها وسبوغ آلاء أسداها وإحسان منن والاها ، جم عن الإحصاء عددها ، وناءى عن المجازاة أمدها، وتفاوت عن الإدراك آمالها واستحق الشكر بفضائلها" . والخطبة طويلة يتعذر علينا إدراجها كاملة ، وهي من أجمل الخطب ومن أرقاها فصاحة وبلاغة ، تجلت بلاغة فاطمة في تدفق عاطفتها وحرارة تعبيرها ، فكلماتها مختارة شديدة الوقع في القلوب، وعبارتها مسجوعة قصيرة تعمد إلى التصوير المحسوس ، وتسكب الفكرة في عالم البيان الملموس." انتهى.
ص52:" وكثيرآ ما أثرت هذه المرثيات على كل ما حولها ، إذا عدنا إلى ما رأيناه من قبل من نساء أهل البيت - رضوان الله عليهن- حين يوشمن خطبهن المأثرة بأبيات من الرثاء الصادق كما كان أمر فاطمة رضي الله عنها ، وقد انحرفت إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم- وهي تقول:"
قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لوكنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها* واختل قومك فاشهدهم ولا تغب" انتهى النقل.
دمتم برعاية الله
كتبته الدكتورة: وهج الإيمان
_______
(1) انظر:كتاب "بلاغات النساء" لابن طيفور دراسة نقدية
مذكرة لنيل شهادة الماجستير ، مسعودي سعاد، جامعة مولود معمري تيزي وزو، تاريخ المناقشة : 2/2/ 2012م.
التعديل الأخير تم بواسطة وهج الإيمان ; اليوم الساعة 01:33 AM.