" إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها ".
" فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن أحبها فقد أحبني ".
" فاطمة قلبي وروحي التي بين جنبَيّ ".
" فاطمة سيدة نساء العالمين ".
هذه الشهادات وأمثالها تواترت في كتب الحديث والسيرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله، الذي لا ينطق عن الهوى ولا يتأثر بنسب أو سبب ولا تأخذه في الله لومة لائم. مواقف من نبي الإسلام الذي ذاب في دعوته وكان للناس فيه أسوة فأصبحت خفقات قلبه ونظرات عينه ولمسات يده وخطوات سعيه وإشعاعات فكره، قوله وفعله وتقريره، وجوده كله أصبح تعاليم الدين وأحكام الله ومصابيح الهداية وسبل النجاة.
أوسمة من خاتم الرسل على صدر فاطمة الزهراء، تزداد تألقاً كلما مر الزمن وكلما تطورت المجتمعات وكلما لاحظنا المبدأ الأساس في الإسلام في كلامه لها : " يا فاطمة اعملي لنفسك فإني لا أغني عنك من الله شيئاً ". فاطمة الزهراء هذه مثال المرأة التي يريدها الله وقطعة من الإسلام المجسد في محمد وقدوة في حياتها للمرأة المسلمة وللإنسان المؤمن في كل زمان ومكان. إن معرفة فاطمة فصل من كتاب الرسالة الإلهية ودراسة حياتها محاولة لفقه الإسلام وذخيرة قيّمة للإنسان المعاصر.
إيه فاطمة.. يا ثغراً تجلّى بالعفاف فطاب رضاً به، لقد عبق خطّ وصلك ببنت عمران يا ابنة المصطفى، فتلك مريم ما فرشت الأرض إلاّ من نتف الزنابق، وأنت النفحة الزهراء، ما نفثت الطيب إلا من مناهل الكوثر. يا بتول.. يا أمّ أبيك.. لقد كانت النبوة طفلك البكر، يا ابنة الجنّة، هلاّ رسمتِ الطريق للوصول إلى عين الشمس ونبع الحياة لكي يتمكن مجتمعنا الذي يقرأ كتابك من تربية المرأة الفاطمية والرجل الفاطمي.
ليست قليلة تلك الشعلة التي التهبت بها شخصية هذه المرأة، فإن تكن سيدة نساء العالمين فمن هذا المعين تستقي، فهي ابنة نبي ربط حاضر الأجيال بماضيها، ووصلها بكل زمان يأتي، بهذه الهالة القدسية اتشحت شخصية الزهراء آخذة عن أبيها عبء مسؤولية الأجيال، فهي التي انحصر فيها أرث النبوة بكل ما حققت النبوة، بكل ما ترتبط به صفات النبوة، بكل ما ترمي إليه أشواق النبوة. وتزوجت رجلاً كان زواجها منه تحقيقاً للمخطط العظيم وتنزيلاً لقدسية الكلمة، وكان زواجها استكمالاً لمتانة ما أنيط بها، وما كان الحسن والحسين غير نتاج هذا الرباط الذي اكتملت به المشيئة. هكذا ارتبط التاريخ برباط، وهكذا اتشحت فاطمة بقدسية هذا الرباط، هالة اتشحت بها سيدة نساء العالمين إزاراً من نبوة، وإزاراً من أمومة، وإزاراً من إمامة.
وأخيراً هويتِ فاطمة، هوى معك الخصر النحيل، يا نحول السيف، يا نحول الرمح، يا نحول الشعاع في الشمس، يا نحول الشذا، يا نحول الإرهاف في الحس، يا ابنة المصطفى، يا ابنة ألمع جبين رفع الأرض على منكبيه واستنزل السماء على راحتيه، فهانت عليك الأرض. يا عجينة الطهر والعبير، ولم تبتسمي لها إلا بسمتين، بسمة في وجه أبيك على فراش النزاع يعِدُك بقرب الملتقى، وبسمة طاقت على ثغرك وأنت تجودين بالنفس الأخير. وعشت الحب يا أنقى قلب لمسته عفّة الحياة، فكان لك الزوج عظيم الأنوف، لف جيدك بالدراري وفرش تحت قدميك أزغاب المكارم. وعشت الطهر يا أطهر أم أنجبت ريحانتين لفّتها بردة جديهما بوقار تخطّى العتبات وغطّى المدارج.