خط السير لسبايا آل محمد (ص) شهادة موثقة ضد الطغاة.
بتاريخ : 22-01-2009 الساعة : 06:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
دأب الطغاة على مر العصور على محاربة كل من يخالفهم بالراي من اهل العلم والمعرفة متبعين بذلك ابشع اساليب قلب الحقائق وتزييف الواقع ويظهرذلك جليا من خلال اتباع الطغاة اسلوبين مميزين في هذه المحاربة، الاول يتمثل بالقمع والترهيب واستعمال القوة الغاشمة في القتل والتنكيل وتصويرالمصلحين والمعارضين على انهم خارجين على القانون وبالتالي فقد وجب قمعهم ومحاربتهم، والاسلوب الثاني كان يتمثل في محاولة التشهير بالخصوم امام العامة وتشويه صورة المخالفين لهم بشتى الاتهامات ليرتدع كل من يريد ان ينحى نحيهم.
ونرى في دروس التاريخ في كل مرة ان هذين الامرين ينقلبان وبالا ضد الطغاة، فهم من ناحية يلقون شر اعمالهم مهما طال الزمن بهم ويقتلون ويشردون في الامصار كما حصل لبني امية في نهاية امرالدولة الاموية، ومن ناحية نرى القذف والتشهير الذي استعملوه ضد الابرياء والاتقياء ينقلب عليهم ليكون شهادة موثقة ضد الطغاة يذكرها التاريخ على مر العصور كشهادة حق لايمكن لاحد ان يغيرها ولا يستطيع احد محوها، توثق ظلمهم وطغيانهم على مر العصور.
ان خط السير الذي سلكه الجيش الاموي بسبايا ال الرسول (ص) والرؤوس التي كانوا يحملونها كان من الكوفة االى دمشق عن طريق الجزيرة مع العلم ان المسافة عبر هذا الطريق تبلغ ضعف المسافة تقريبا ما بين الكوفة ودمشق اذا كان السير مستقيما، ولواردنا الاستفهام عن سبب سلوك هذا الطريق لا نجد سوى تفسير يقول،ان الجيش الاموي كان يهدف من ذلك، التشهير والتنكيل اكثر مايمكن بالسبايا من ال محمد الرسول الاعظم(ص)، لان سلوك طريق المدن كان عامرا واهلا بالسكان لقربه من مصادر المياه في نهري دجلة والفرات لا سيما بلاد الجزيرة التي كانت موضع اهتمام الجيوش المتحاربة على مر التاريخ.
يذكر المؤرخ ابن شهر اشوب في المناقب3/235: ومن مناقبه- الحسين(ع)- ما ظهر من المشاهد التي يقال لها مشهد الراس من كربلاء الى عسقلان، وما بينهما في الموصل،ونصيبين،وحماة، وحمص،ودمشق.
وبناءا على ما ذكره فان الاثار التي تركتها مسيرة سبايا اهل البيت(ع) اصبحت معلما تاريخيا يوضح خط السير الذي سلكوه وهذه الاثار تؤكد المنازل التي نزلوا عندها.
وحري بنا ان نذكر هذه المنازل التي ظل اغلبها شاخصا لحد الان يشهد لنا وللتاريخ على الظلم الذي حاق بال محمد(ص) من يزيد وعامله على الكوفة ابن زياد وجيشه الاموي.
في الموصل:
قال ابن شهر اشوب في روضة الشهداءص368: ان القوم لما ارادوا ان يدخلوا الموصل ارسلوا الى عامله ان يهيا لهم الزاد والعلوفة وان يزين لهم البلدة، فاتفق اهل الموصل ان يهيئوا لهم ما ارادوا وان يستدعوا منهم ان لايدخلوا البلدة بل ينزلون خارجها، ويسيرون من غير ان يدخلوا فيها، فنزلوا خارج البلدة على فرسخ منها ووضعوا الراس الشريف على صخرة فقطرت عليها قطرة دم من الراس المكرم فصارت تشع ويغلي منها الدم كل سنة في يوم عاشوراء، وبقي هذا الى ايام عبد الملك بن مروان فامر بنقل الحجر، فلم ير بعد ذلك منه اثر ولكن بني على ذلك المقام قبة سميت (مشهد النقطة)، وهذا ما ذكره بنفس المعنى السيد المقرم رحمه الله.
في نصيبين:
واما السانحة التي وقعت بنصيبين ففي الكامل للبهائي2/292: انهم لما وصلوا الى قرب نصيبين امر المنصور بن الياس بتزيين البلدة فزينوها باكثر من الف مراة، فاراد الملعون الذي كان معه راس الحسين(ع)ان يدخل البلد فلم يطعه فرسه فبدل له بفرس اخر فلم يطعه وهكذا، واذا بالراس الشريف قد سقط الى الارض فاخذه ابراهيم الموصلي فتامله فوجده راس الحسين(ع) فلامهم ووبخهم فقتله اهل الشام لذلك، ثم جعلوا الراس خارج البلد ولم يدخلوه به- ويضيف القمي رحمه الله- قلت: ولعل مسقط الراس الشريف صار مشهدا.
وعلى هذا فهم لم يدخلوا نصيبين وانما مروا بالقرب منها، وهذا ما ذكر في بعض المصادر من مرور السبي عليها وعلى راس العين،وحران،قنسرين وكفر طاب،شيزروبعلبك.
في بالس:
وتسمى حاليا مسكنة، بينها وبين صفين23 كم تقريبا وبينها وبين الرقة 43كم الى الجهة الغربية منها، لم يذكرها القمي وانما جاء ذكرها في الاعلاق الخطيرة1/178 والاشارات للهروي ص61 قالا: بمدينة بالس مشهد علي بن ابي طالب(ع) وبها مشهد الطرح، وبها مشهد الحجر يقال: ان راس الحسين وضعوه عليه عندما عبروا بالسبي.
في حماه:
قال المحدث القمي: لما سافرت الى الحج فوصلت الى حماه رايت بين بساتينها مسجدا يسمى مسجد الحسين(ع)، قال فدخلت المسجد ورايت في بعض عمارته سترا مسبلا من جدار، فرفعته ورايت حجرا منصوبا في جدار، وكان الحجر موربا، فيه موضع عنق راسه اثر فيه، وكان عليه دم متجمد، فسالت من بعض خدام المسجد عن هذا الحجر والاثر والدم؟ فقيل لي هذا الحجر موضع راس الحسين(ع)، وضعه القوم الذين كانوا يسيرون به الى دمشق....
في حمص وعسقلان:
قال القمي: واما مشهد الراس بحمص فما ظفرت به كاني لم اظفر. بمشهد الراس من كربلاء الى عسقلان. وبقي(مشهد النقطة) في مدينة الشهباء التي قارعت الحدثان واستطاعت ان تصمد وتستمر لتحافظ على هذا المكان المقدس والاثر الاسلامي الخالد لال بيت الرسول(ص).
ان المعلومات التي وصلتنا عن وصول الاسرى من سبايا ال البيت(ع) الى حلب واثارهم فيها هي معلومات وثائقية من الناحيتين التاريخية ولاثرية، حيث نقل مؤرخوا حلب القدامى واولهم ابن ابي طي الذي راى اسم سيف الدولة مكتوبا على بناء المحسن ابن الحسين(ع) وانه هو الذي بناه حيث كانت هناك صخرة كتب عليها"هذا قبر المحسن ابن الحسين ابن علي بن ابي طالب(ع).
ولما سال بعض العلويين- نسبا- عن ذلك، رووا له عن ابائهم: ان السبي لما وصلوا الى هذا المكان اسقطت احدى نساء الحسين(ع) هذا السقط وسمي المحسن – على اسم عمه السقط ابن الزهراء(ع)، هذا بالاضافة الى الاثر الثاني الذي تعلق به سيف الدولة كثيرا وهو ديرالراهب الذي وضع فيه راس الحسين(ع) واحجارهذا الديرلازال بعضها موجودا الى يومنا هذا.
الدير مارت مروثا:
يحدثنا ياقوت في معجم البلدان"حرف الدال" عن الدير الذي نزل بقربه السبايا ويسميه دير مارت مروثا يقع في سفح جبل جوشن، مطل على مدينة حلب ومطل على العوجان"نهرقويق".
وقال الخالدي: هو صغير وفيه مسكنان احدهما للنساء والاخر للرجال ولذلك سمي بالبيعتين.
وكان هذا الديريستقبل القادم من الجنوب فيحط الرحال على سفح جبل جوشن بالقرب من الدير
وفيه يقول الصنوبري:
رب ملقي الرحل منها حيث تلفى بيعتاها
طيرت عنه الكرى طائرة طار كراها
ود اذ فاهت بشجو انه قبل فاها
صبة تندب صبا قد شجته وشجاها
وقال في هذا الدير الحسين بن علي التميمي، وهو متقدم على عصر سيف الدولة:
يادير مارت مروثا سقيت غيثا مغيثا
فانت جنة حسن قد حزت روضا اثيثا
مجمعا في القلالي وفي الذرى مبثوثا
ويحدثنا ياقوت في معجم البلدان عن هذا الدير: ذهب ذلك الدير ولا اثر له الان وقد استجد في موضعه الان مشهد، زعم الحلبيون انهم راوا الحسين ابن علي(ع) يصلي فيه فجمع له المتشيعون بينهم مالا وعمروه عمارة حسنة محكمة.