لبيك يا رسول الله ..
في ذكرى وفاة منقذ الأمة وسراج الظلمة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ماذا عساناأن نقدم له ، وهو الذي ضحى بالغالي والنفيس في سبيل هداية البشرية وإخراجهم منالظلمات إلى النور ، وفي سبيل نشر دين الله تعالى في الأرض وتحقيق هدف الخلقة وهوالعبودية .
ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج، هذا المعنى أشار إليه أحدالمعصومين عندما رأى أحد أصحابه كثرة الحجيج وأعجب بهم ، وكذلك في إحياء ذكرى أهلالبيت عليهم السلام ينطبق هذا الكلام ، فما أكثر من يحيون الذكرى شكلاً ولكن ما أقلمن يعيش أهداف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في نفسه من التزام بأوامره وانتهاءً عن نواهيه ، أليست أوامرهأوامر الله تعالى ونواهيه نواهي الحق جل وعلا ، فهو حجة الله في أرضه
..
علينا أن نقول للرسول : لبيك يا محمد ، فماذا تعني لبيك يا محمد؟
ليست مجرد شعار يطلقه بعض المتحمسين أو العاشقين الواهمين للرسول صلى اللهعليه وآله وسلم ، لبيك يا محمد تعني اطيعك في كل شيء ، لبيك يا محمد تعني لبيك يا إسلام، لبيك يا الله ، لبيك يا محمد تعني التزام كامل بأوامر الشريعة السمحاء ، تعنيتطبيقاً كاملاً للشريعة الإسلامية ، وبعبارة أخرى ، عملاً بكل الأوامر الإلهيةوانتهاءً عن كل النواهي الإلهية ..
(لَقَدْكَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَوَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب 21)فدعونا نتأسىبالرسول صلى الله عليه وآله ونحاول التقرب إليه في ذكرى وفاته بمبايعته كما بايعهالمسلمون في بيعة العقبة .
لقد كان المسلمون يتسابقون لأخذالإناء الذي كان يشرب أو يتوضأ منه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للتبرك به ، ونحنجميعا في هذا العصر نتمنى ذلك ، ولكن كم من المسلمين من يتسابق في اقتفاء سيرةالمصطفى صلى الله عليه وآله..
- ترك المعاصي
كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه ، كذلك : كم منمدعي الحب والولاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والرسول يلعنه ، فالسبب في ذلك الذنوب ، وما ذنوبنا إلا :
- الغيبة :هذه الكبيرة التي يستهين بها بعضالمؤمنين ويقللون من شأنها ولا يحتاطون في ارتكابها أليست الغيبة أشد من الزنا ؟ .. فدعونا في ذكرى وفاة أبا الزهراء صلى الله عليه وآله وسلم نترك هذا الفعل الشنيعالذي هو في حقيقته أكل للحم الآخرين ، وما الآخرين إلا أخواننا كما صرحت به الآياتالكريمة ..ودعونا نعاهد رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك ..
- الكذب: إن من المحرمات في الشريعةالإسلامية الكذب مطلقاًُ إلا ما كان لدفع ضرر ، فما بال أحدنا لا يقف لسانه عندالكذب وكأن رب العالمين أتاح للعبد أن يتحدث في ما يريد من غير قيد أو مراقبة لهذااللسان الذي يدخل بسببه الكثير إلى نار جهنم...
- النظرة المحرمة :وهي سهم من سهام إبليس ، علينا اجتنابه وإلا رمينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذا السهم وصوبناه في قلبه الشريف ، فما هو حالنا عندما ينظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو تعرض عليه أعمالنا وفيها ما يسوؤه ..؟
وهذه المعاصي هي أهم ما ابتلي بها مدعو المشايعة لأهل البيت عليهم السلام وهناكغيرها الكثير وخصوصا الأمراض القلبية ..
صلاة الفجر :
كم هي مظلومة هذه الفريضة وكأنها ليست كباقي الصلوات، كم من المحسوبين على طائفة المؤمنين يفوتون هذه الفريضة كثيراً، أي إيمان لا يطيق تحمل الأمانة الإلهية وهي التكليف وأهمها الصلاة، تراه يفوت صلاة الفجر بالأيام ويصليها قضاء وكأن الامر لم يكن، ولكن ما حاله لو فاتته وجبة طعام أو ماشابه..
فعلى المؤمن أن يستعين بالله تعالى في التوفيق لصلاة الفجر باستخدام منبه أو ماشابه وبقراءة آخر آية من سورة الكهف، فالله تعالى قد يتفق أن يوكل ملائكته لإيقاظ عبده ، وماذلك على الله بعزيز ..
أما أن يتذرع بحجة النوم، وأن النائم رفع عنه التكليف، فهذا غير مقبول ... لو أنه تأخر في حضور اجتماع مهم بعذر النوم لما قبل عذره ، فكيف بالرب الودود الذي لا يقبل إلا ما يليق بجلاله وجماله ،( طبعا قد يكون فقهياً الأمر يختلف..)
وما حاجة رب العالمين في صلواتنا ، بل نحن المحتاجون، فهو خيره لنا نازل وشرنا إليه صاعد يتحبب إلينا بالنعم ونتبغض إليه بالمعاصي، فلا يوجد رب كريم أصبر على عبد لئيم منه علينا .. فمتى اليقظة؟
هل تكون عندما يكشف الغطاء: : (لَقَدْكُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَحَدِيدٌ) سورة ق
يوم لا ينفع الندم، فاليوم دار عمل ولا جزاء وغداً دار جزاء ولا عمل فلنعمل للآخرة الباقية كما نعمل للدنيا الفانية .. وإن كان المفروض أن يكون السعي للآخرة أكبر ..
صلاة الجماعة :
عن الامام علي عليه السلام : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد إلا أن يكون له عذر أو به علة ، فقيل ومن جار المسجد يا أمير المؤمنين : قال من سمع النداء .
فكم منا يسمع النداء وليس به علة ولا عذر له ولا يلبي النداء ، ولو عرضت عليه الدنيا للبى نداءها سريعاً .. أين الإنصاف .. أليس هذا ظلم للنفس ..؟
فتراه وهو بكامل قوته وطاقته يترك المسجد ويترك صلاة الجماعة، وذاك كبير السن يأتي متكئاً على عصاته وتحت حرارة الشمس ، أو ذاك الضرير الذي يتحمل صعوبة السير ويأتي للمسجد ، ولكن ذاك الشاب الذي بكامل قوته وكامل طاقته ولديه تلك الدابة التي تنقله في جو مكيف وما شابه ، ويعجز عن ذلك .. أي حسرة سيعيشها يوم القيامة ؟
أتراه أين كان في تلك الساعة التي صلى فيها المؤمنون جماعة وخرجوا ووجوهم مستبشرة بثواب الله عز وجل .. من يعوض له الأجر الذي فاته ؟
ما هذا الجفاء ببيت الله تعالى؟
فذاك أمير المؤمنين عليه السلام يحب الجلوس في المسجد أكثر من الجنة .. لأن في المسجد رضا ربه وفي الجنة رضا نفسه ..
أين نحن ممن ندعي اتباعه وندعى باسمه ؟
فمن تمام الاحياء لذكرى وفاة الرسول صلى الله عليه وآله ، بل أساس الاحياء بل هوالاحياء كله ، أن يتبع الموالي شريعة رب العالمين وأن يجتنب المعاصي بأنواعها ليكونحقا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله ..
إن إحياء ذكرى نبي الأمة صلى الله عليه وآله ليستبالحزن الظاهري والشكلي ، وإن كانت هذه الأمور مطلوبة ، ولكن الإحياء الحقيقي هو إحياءمبادئ الرسول صلى الله عليه وآله والتي هي من مبادئ الإسلام ، فهل نكون صادقين فيقولنا : لبيك يا رسول الله ... ؟