الإمام زيد بن علي
هو: أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
وأمه: أم ولد اسمها: (جيدا)، روي أن المختار اشتراها بثلاثين ألف درهم وأهداها إلى علي بن الحسين رضي اللّه عنه، وروي أن علي بن الحسين هو الذي اشتراها، وولدته
سنة خمس وسبعين.
(1/44)
________________________________________
صفته
كان
: أبيض اللون، أعَيَنٌ، مقرون الحاجبين، تام الخلق، طويل القامة، كَثّ اللحية، عريض الصدر، أقنى الأنف، أسود الرأس واللحية، إلا أن الشيب خالطه في عارضيه.
وكان يُشَبَّه بأمير المؤمنين في الفصاحة والبلاغة والبراعة. ويعرف في المدينة بـ
حليف القرآن)، قال خالد بن صفوان: إنتهت الفصاحة والخطابة والزهادة والعبادة من بني هاشم إلى زيد بن علي، لقد شهدته عند هشام بن عبد الملك وهو يخاطبه وقد تضايق به مجلسه.
(1/45)
________________________________________
بيعته
ورد
الكوفة، ثم خرج منها متوجها إلى المدينة، فلما حصل بـ(القادسية) تبعه جمع كثير من أهل الكوفة يسألونه الرجوع ويبذلون له الجهاد بين يديه، فعاد إليها مستتراً، وكان يتوارى في مواضع مختلفة.
وبايعه جمهور أهل الكوفة وكثير من فقهائها، وكانوا يختلفون إليه سراً، ثم أنفذ الدُّعاة إلى البلدان فاستجاب له عَالَم من النَّاس، وأتته البيعة من الآفاق، واشتمل ديوانه على أسماء خمسة عشر ألفا ممن بايعه من أهل الكوفة سوى ما ورد عليه من بيعة سائر البلدان.
ومن الفقهاء الذين اختلفوا إليه وأخذوا عنه: أبو حنيفة، وأعانه بمال كثير، وبايعه منهم: سلمة بن كهيل، ويزيد بن أبي زياد، وهارون بن سعد [العجلي]، وأبو هاشم الرماني، ومنصور بن المعتمر.
وأقام بالكوفة مشغولاً بالدعوة وأخْذِ البيعة أحد عشر شهراً إلاّ نحو شهرين غاب فيهما إلى البصرة.
وكان وَعَدَ أصحابه للظهور ليلة الأربعاء أوَّلَ ليلة من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة، فأُحْوِجَ إلى الظهور قبل ذلك لِوُقُوْفِ يوسف بن عمر على أمره، فظهر ليلة الأربعاء لسبع بقين من المحرم من دار معاوية بن إسحاق الأنصاري، ولم يجتمع إليه إلا عدد يسير ممن بايعه، ونادوا بشعار رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله: (يا منصور أمت).
فلما خفقت الرايات فوق رأسه قال: " الحمد لله الذي أكمل دِيْني لقد كنت استحيي من رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله أن أرِدَ عليه ولم آمر في أمته بمعروف ولم أنه عن منكر ".
ولما رأى
تفرق النَّاس عنه. قال: " أحسبهم قد عملوها حُسَيْنِيَّة ". وبقي
يغادي القتال ويراوحه يوم الأربعاء ويوم الخميس ويوم الجمعة، فلما كان آخر النهار من يوم الجمعة جاءته نشابة فأصابت جبينه صلوات اللّه عليه.
(1/46)
________________________________________
أولاده
:
يحيى بن زيد، أمه: رايطه، ويقال: ريطه بنت أبي هاشم عبد اللّه بن محمد بن الحنفية لا عقب له. وعيسى، ومحمد، والحسين، أمهم واحدة: وهي: أم ولد، أعقب هؤلاء الثلاثة من ولده
.
(1/47)
________________________________________
مقتله ومبلغ عمره
رماه داود بن سليمان بن كيسان من أصحاب يوسف بن عمر بسهم فأصاب جبينه، وذلك عشية الجمعة لخمس بقين من المحرم سنة اثنتين وعشرين ومائة على أصح الروايات، وقيل: سنة إحدى وعشرين، وهو الذي ذكره العقيقي.
فأدخل إلى دارٍ في سكة البريد؛ وأحضر له الطبيب فلما نزع النصل عنه قضي عليه صلوات اللّه عليه، فأخرجوه ليلا واحتفروا له حَفِيْرَة دفنوه فيها وأجروا الماء على الموضع، وكان قد رأى ذلك غلام سِنْدِي لِقَصَّارٍ .
فلما كان يوم السبت عرف يوسف بن عمر [بمقتله]، فأقام النداء بأن من دَلَّ عليه فله من المال كذا، فدل عليه الغلام السِّندي ـ لعنه اللّه ـ فاستخرجوه وحَزُّوا رأسه وبعثوا به إلى هشام بن عبد الملك.
وصُلِبَ جسده بـ(الكناسة)، فبقي مصلوباً سنة وأشهراً، وقيل: أياماً، وقيل: سنتين، إلى أن ظهرت رايات بني
بخراسان، فكتب الوليد بن يزيد إلى يوسف بن عمر يأمره بأن ينزله عن خشبته ويحرقه، ففعل ذلك، وذَرَّه في الفرات.
وكان له صلوات اللّه عليه حين استشهد ست وأربعون سنة، وأنشدني إسماعيل بن عباد نفعه اللّه بصالح عمله من قصيدة له فيه رضي اللّه عنه:
لم يشفهم قتله حتى تعاوره قتل وصلب وإحراق وتمزيق
(1/48)
________________________________________
منقول من كتاب الإفادة في تاريخ أئمة الزيدية تأليف الإمام أبي طالب يحيى بن الحسين عليهما السلام