[د.حجي إبراهيم الزويد]

من ضمن البرامج الإلهية المكثفة التي وضعت للإنسان هي أعمال ليلة النصف من شهر رمضان ويومها.

ليلة النصف من شهر رمضان المبارك تصادف ذكرى ولادة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام, وهي ليلة عظيمة القدر عند الله سبحانه وتعالى, وتوجد بهذه الليلة المباركة جملة من الأعمال, التي تعتبر مدخلا إلهيا إلى ليالي القدر المباركة.

إن أداء أعمال هذه الليلة المباركة هو بمثابة استراحة إلهية لتعبئة الروح و شحنها بما يجعلها في مستوى تكون فيه مهيأة لا ستقبال فيوضات الله سبحانه وتعالى في ليالي القدر المباركة.

فكما أن الامتحان النهائي لا يعتمد على مذاكرة ليلة الامتحان فقط, بل على الفترة الزمنية السابقة التي كانالطالب يراجع فيها دروسه بانتظام, مضافا إلى بعض الامتحانات الصغيرة الأسبوعية أو الشهرية التي تجعل الطالب يذاكر المادة الدراسية بشكل مستمر, فكذلك الحال مع ليلة القدر المباركة

إن النجاح المتميز في ليلة القدر يعتمد على التحضير المسبق لهذه الليلة في الليالي السابقة.

ومن ضمن الفرص الإلهية التي تعد الروح وتقويها بما ينسجم مع فيوضات الله في ليالي القدر هو الاهتمام بليلة النصف و يومها, فهي محطة للتزود الروحي.

و سأشير إلى أعمال هذه الليلة المباركة ويومها المبارك.

[د.حجي إبراهيم الزويد]

أعمال ليلة النصف من شهر رمضان المبارك :

الأول : الغسل ويؤتى به برجاء المطلوبية, وهو لا يجزىء عن الوضوء على رأي السيدين الخوئي و السيستاني.

الثاني : زيارة الإمام الحسين عليه السلام :

إن لزيارة الإمام الحسين فضل عظيم في هذه الليلة المباركة.

يزار الإمام الحسين عليه السلام في ليلة النصف المباركة بزيارة وارث.

إضاءة :

ينبغي للمؤمنين التفاعل مع مناسبة ولادة الإمام الحسن عليه السلام, والحضور في الأماكن التي يقام فيها ذكر لسيرته العطرة, وإظهار السرور و الفرحة, لأن هذا يندرج تحت مظلة تعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى.

[د.حجي إبراهيم الزويد]

الثالث : صلوات ليلة الخامسة عشر من شهر رمضان المبارك :

ورد في هذه الليلة المباركة عدة صلوات.

الأولى :

صلاة ست ركعات , يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة, و يس مرة و تبارك الملك مرة و قل هو الله أحد مرة, يسلم بين ركعتين وهذه من أعمال الليالي البيض في الأشهر الثلاثة : رجب و شعبان و رمضان.

تصلى ركعتين ركعتين, حيث يسلم المصلي بعد كل ركعتين.


إضاءة :

- هذه الصلاة ذات فضل عظيم, ولها تأتير كبير في تهيئة روحك و تصفيتها كي تكون مهيئة لاستقبال الفيوضات الألهية في ليالي القدر.

- يمكنك الإتيان بهذه الصلاة في حال الجلوس أو القيام, إذا كنت تتعب من القيام.

هناك طريقة مريحة تجمع فيها بين الجلوس والقيام وهي أن تكبر و أنت جالس, وتقرأ الفاتحة و سورة يس وتبارك, ثم تقوم, وتأتي بسورة التوحيد و أنت واقف, ثم تركع و تأتي بالسجدتين.

ثم تأتي بالركعة الثاني في حال الجلوس حيث تقرأ الفاتحة و يس وتبارك, ثم تقف و تأتي بسورة التوحيد ثم تركع و تكمل الصلاة.

أما إذا كنت تحب أن تأتي بهذه الصلاة و أنت قائم, فتأتي بكل هذه الأفعال في حال القيام.

- إذا كنت لا تحفظ هذه السور يجوز لك أن تقرأها في المصحف الشريف.


ذكر السيد ابن طاووس - قدس سره - في الإقبال :

قال جعفر بن محمد صلوات الله عليه : أُعطيت هذه الأمة ثلاث أشهر لم يعطها أحد من الأمم : رجب و شعبان و شهر رمضان, و ثلاث ليال لم يعط أحد مثلها : ليلة ثلاث عشرة و ليلة أربع عشرة و ليلة خمس عشرة من كل شهر و أعطيت هذه الأمة ثلاث سور لم يعطها أحد من الأمم : يس و تبارك الملك و قل هو الله أحد فمن جمع بين هذه الثلاث فقد جمع أفضل ما أعطيت هذه الأمة فقيل و كيف يجمع بين هذه الثلاث فقال يصلي [في] كل ليلة من ليالي البيض من هذه الثلاثة الأشهر في ليلة الثانية عشر ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب [مرة] و هذه الثلاث سور و في الليلة الرابعة عشر أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و هذه الثلاث سور و في الليلة الخامسة عشر ست ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و هذه الثلاث سور فيجوز فضل هذه الأشهر الثلاثة و يغفر له كل ذنب سوى الشرك.


الثانية : صلاة ما ئة ركعة بالفاتحة مرة والتوحيد عشر مرات.

ذكر هذه الصلاة السيد ابن طاووس في كتاب الإقبال, وهي مروية عن النبي صلى الله عليه و آله :

عن الصادق عيه السلام عن أبيه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله : من صلى ليلة النصف من شهر رمضان مائة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و قل هو الله أحد عشر مرات أهبط الله إليه عشرة أملاك يدرأون عنه أعداءه من الجن و الإنس و أهبط الله عند موته ثلاثين ملكا يبشرونه بالجنة و ثلاثين ملكا يؤمنونه من النار.

و في رواية أخرى أن من صلى هذه الصلاة لم يمت حتى يرى مكانه في الجنة و يرى في منامه مائة من الملائكة ثلاثين يبشرونه بالجنة و ثلاثين يؤمنونه من النار و ثلاثين يعصمونه من أن يخطئ و عشرة يكيدون من كاده.

الثالثة :

صلاة خاصة لمن استطاع الحضور عند الإمام الحسين عليه السلام في هذه الليلة, وهي عشر ركعات بالحمد مرة و التوحيد 11 مرة , فقد ذكر السيد ابن طاووس في الإقبال عن الإمام الصادق عليه السلام إنه قيل له فما ترى لمن حضر قبر [قبره يعني] الحسين ع ليلة النصف من شهر رمضان فقال بخ بخ من صلى عند قبره ليلة النصف من شهر رمضان عشر ركعات من بعد العشاء من غير صلاة الليل يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب و قل هو الله أحد عشر مرات و استجار بالله من النار كتبه الله عتيقا من النار و لم يمت حتى يرى في منامه ملائكة يبشرونه بالجنة و ملائكة يؤمنونه من النار.

[د.حجي إبراهيم الزويد]

أدعية ليلة النصف من شهر رمضان المبارك :

توجد جملة من الأدعية الخاصة بهذه الليلة الشريفة, وقد ذكرها السيد ابن طاووس في كتابه العظيم ( إقبال الأعمال ).

الدعاء الأول :

سبحان مقلب القلوب و الأبصار, سبحان مقلب الليل و النهار, و خالق الأزمنة و الأعصار, المجري على مشيته الأقدار, الذي لا بقاء لشي ء سواه, و كل شي ء يعتوره الفناء غيره, فهو الحي الباقي الدائم, تبارك الله رب العالمين.

اللهم قد انتصف شهر الصيام بما مضى من أيامه و انجذب إلى تمامه و اختتامه, و ما لي عدة أعتد بها فالجا إليها, و لا أعمال من الصالحات أعول عليها, سوى إيماني بك و رجائي لك, فأما رجائي فيكدره علي صفوة الخوف منك, و أما إيماني فلا يضيع عندك و هو بتوفيقك.

اللهم فلك الحمد حين لم تفكك يدي عند التماسك بالعروة الوثقى, و لم تشقني بمفارقتها فيمن اعتوره الشقاء, اللهم فانصفني من شهواتي, فإليك منها الشكوى, و منك عليها أؤمل العدوى, فإنك تشاء و تقدر و أشاء و لستُ أقدر, و لست إلهي و سيدي محجوجا, و لكن مسؤولا ترجى, و مخوفا يتقى, تحصي و ننسى , و بيدك حلو و مر القضاء.

اللهم فأذقني حلاوة عفوك و لا تجرعني غصص سخطك, و صلى الله على محمد و آله الطاهرين يا أرحم الراحمين.

الدعاء الثاني :

يا من أظهر الجميل, و ستر القبيح, يا من لم يؤاخذ بالجريرة, و لم يهتك الستر, يا عظيم العفو, يا حسن التجاوز, يا واسع المغفرة, يا باسط اليدين بالرحمة, يا صاحب كل نجوى, و منتهى كل شكوى, و يا مقيل العثرات, يا مجيب الدعوات, يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها, يا رباه يا سيداه, يا مولاه يا غاية رغبتاه , أسألك أن تصلي على محمد و آل محمد, و أن لا تشوه خلقي في النار.

ثم تسأل حاجتك تقضى إن شاء الله تعالى.

زيادة :

اللهم يا مفرج كل هم, و يا منفس كل كرب, و يا صاحب كل وحيد, و يا كاشف ضر أيوب, و يا سامع صوت يونس المكروب , و فالق البحر لموسى و بني إسرائيل, و منجي موسى و من معه أجمعين, أسألك أن تصلي على محمد و آل محمد, و أن تيسر لي في هذا الشهر العظيم الذي تعتق فيه الرقاب, و تغفر فيه الذنوب ما أخاف عسره, و تسهل لي ما أخاف حزونته, يا غياثي عند كربتي, و يا صاحبي عند شدتي, يا عصمة الخائف المستجير, يا رازق البائس الفقير, يا مغيث المقهور الضرير, يا مطلق الكبل عن الأسير, و يا مخلص المسجون المكروب, أسألك أن تصلي على محمد و آل محمد, و تجعل لي من جميع أموري فرجا و مخرجا و يسرا عاجلا, يا أرحم الراحمين.

الدعاء الثالث :

الحنان أنت سيدي, المنان أنت مولاي, الكريم أنت سيدي, الغفور الرحيم أنت مولاي, الحليم أنت سيدي, الوهاب أنت مولاي, العزيز أنت سيدي, القريب أنت مولاي, الواحد أنت سيدي, القاهر أنت مولاي, الصمد أنت سيدي, العزيز أنت مولاي الباري, صل على محمد و آله, و اغفر لي و ارحمني و تجاوز عني إنك أنت الأجل الأعظم.