شيعي حسيني
رقم العضوية : 18676
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 7,218
بمعدل : 1.19 يوميا
المنتدى :
المنتدى الثقافي
قصة السيد جواد الكربلائي والشيخ السني المستضعف
بتاريخ : 02-12-2009 الساعة : 04:56 AM
قصّة السيّد جواد الكربلائيّ والشيخ السنّيّ المستضعف
قصّة نقلها سيّدنا الاعظم وأُستاذنا الاكرم العلاّمة الطباطبائيّ تستحقّ التأمّل والملاحظة.
قال سماحته:
كان هناك في كربلاء واعظ اسمه السيّد جواد، وكان يُلقّب بالكربلائيّ باعتباره من أهل تلك المدينة؛ وكان يقطن كربلاء، إلاّ أنـّه كان قد اعتاد الذهاب أيّام المحرّم إلی النواحي والقصبات والقري النائية لتبليغ الاحكام، فيصلّي بأهلها صلاة الجماعة ويبيّن لهم المسائل ثمّ يقفل راجعاً إلی كربلاء.
وصادف مرّة أن عرّج علی إحدي القصبات التي كان جميع سكّانها من العامّة، فالتقي هناك بشيخ عجوز ذي شيبة نورانيّة. ولانـّه رآه سنّيّاً فقد فتح معه باب الحديث والمذاكرة، فشاهد أنـّه لايمكنه إفهامه أمر التشيّع فوراً، فقد كان قلب ذلك الرجل الساذج الطيّب قد طفح بحبّ غاصبي مقام الخلافة بحيث لم يكن لديه استعداد لذلك، بل ربّما أدّي بيان الامر له إلی عكس المتوخّي؛ ثمّ حصل أنـّه كان يتحدّث معه يوماً فسأله: مَن هو شيخكم؟ (يسمّي العرب كبير العشيرة ورئيسها بالشيخ).
وكان السيّد جواد يرمي من سؤاله هذا إلی فتح باب المذاكرة مع ذلك الشيخ ليجد الإيمان سبيله إلی قلبه تدريجاً، فيجعله شيعيّاً.
أجاب الشيخ: شيخنا رجل مقتدر له عدّة مضائف ، وله من الإبل والضأن الشيء الوفير، وله أربعة آلاف نفر من الرماة، أمّا عشيرته وقبيلته فما أكثرهم!
فقال السيّد جواد: أنعِم بشيخكم، ما أكثر قدرته وتمكّنه!
ثمّ التفت الشيخ العجوز بعد هذه المذاكرات إلی السيّد جواد فقال:
ومن هو شيخكم؟
قال: شيخنا سيّدٌ يُغيث كلّ محتاجٍ وملهوف، فلو كنتَ في شرق العالَم وكانَ في غربه، أو كنتَ في غرب العالم وكانَ في شرقه، وانتابك غمّ أو محنة، فما علیك إلاّ أن تندبه وتهتف باسمه فإنـّه يأتيك علی الفور فيغيثك ويحلّ لك ما أشكل علیك.
فقال الشيخ العجوز: عجباً! ما أحسنه من شيخ! أَكْرِم بالشيخ أن يكون هكذا؛ فما اسمه؟
قال السيّد جواد: الشيخ علیّ!
ثمّ انقطع الحديث إلی هذا الحدّ، وانفرط عقد المجلس وافترق الاثنان عن بعضهما فعاد السيّد جواد إلی كربلاء، لكنّ الإعجاب بالشيخ علیّ كان قد غمر ذلك الرجل العجوز فكان لا يبرح مخيّلته.
وبعد مدّة عاد السيّد جواد إلی تلك القرية بشوق ولهفة ليُنهي المذاكرة ويجعل الشيخ شيعيّاً، وكان يردّد في نفسه: لقد وضعنا الحجر الاساس ذلك اليوم، وعلینا اليوم أن نُكمل البناء. لقد تحدّثنا ذلك اليوم عن الشيخ علیّ، وسنعرّفه به اليوم فنهدي الرجل العجوز ذا القلب المشرق إلی المقام المقدّس لامير المؤمنين علیه السلام.
ثمّ دخل القرية وسأل عن ذلك الرجل العجوز فقيل له: لقد رحل عن دار الدنيا!
فتأثّر السيّد لذلك غاية التأثّر، وقال في نفسه: عجباً له من رجل عجوز! لقد كنّا وطّنّا النفس علی تعريفه بالولاية، لكنّه ـ ويا للاسف ـ رحل عن الدنيا بدونها. لقد أردنا أن نعمل شيئاً فنعين الرجل العجوز، فقد استبان بجلاء أنـّه لم يكن من أهل العناد والنصب، وأنّ الإعلام السيّي والإلقاءات والتلقين قد حرم الرجل العجوز من النزوع إلی الولاية.
ولقد أثّر موت العجوز فيّ كثيراً (والكلام للسيّد جواد الكربلائيّ)، فحزنتُ له حزناً جمّاً، ثمّ ذهبت لرؤية أولاده وعزّيتهم وسألتهم أن يأخذوني إلی قبره، فقادني أولاده إليه، فقلتُ: يا إلهي! لقد كان لنا أملٌ في هذا الشيخ العجوز، فَلِمَ أخذتَه من عالم الدنيا؟ لقد كان علی مشارف أعتاب الولاية، فوا أسفاً علی رحيله من الدنيا ناقصاً محروماً!!ثمّ عدتُ من قبر الشيخ العجوز ورافقتُ أبنائه إلی داره فبتُّ هناك ليلتي تلك، فرأيتُ في عالم النوم أنـّي دخلت من باب فشاهدت ممرّاً طويلاً وضع علی جانب منه مصطبة عالية جلس علیها شخصان، والرجل العجوز واقف أمامهما.
فدخلتُ وسلّمتُ وسألتُه عن حاله، ثمّ رأيت أنّ هناك في نهاية الممرّ باباً زجاجيّة تُشاهد منها روضة كبيرة. فسألتُ الرجل العجوز: أين هذا المكان؟
قال: هذا عالم قبري وعالم برزخي، وهذه الروضة في نهاية الممرّ خاصّة بي وبقيامتي.
قلتُ: فلِمَ لَمْ تذهب إليها؟
ردّ قائلاً: لم يحن الوقتُ بعدُ. يجب علیَّ اجتياز هذا الممرّ أوّلاً، ثمّ الذهاب إلی تلك الروضة.
قلتُ: فلم لا تجتاز وتذهب؟
قال: هذان الشخصان معلّماي، وهما ملكان سماويّان جاءا لتعلیمي الولاية، وسأذهب حين تكمل ولايتي. أيـّها السيّد جواد، لقد قلتَ ولمتقلْ (أي أنـّك قلتَ إنّ شيخنا الذي لو نودي من شرق العالم أو غربه لاجابَ وأغاثَ اسمه الشيخ علیّ، لكنّك لم تقل إنّ شيخ علیّ هذا هو علیّبن أبي طالب).
أُقسم بالله، ما إن هتفتُ: يا شيخ علیّ أغثني! إلاّ وحضر علی الفور؟
قلتُ: ما القصّة؟
أجاب: حين رحلتُ عن الدنيا جيء بي إلی القبر فوضعوني فيه، ثمّ جاءني منكر ونكير وسألاني: مَن ربّك ومن نبيّك ومن إمامك؟
فاضطربتُ وغمرني الخوف الشديد، ومهما حاولتُ الإجابة تلجلج لساني، ومع أنـّني كنت مع أهل الإسلام فإنّني مهما حاولت أن أقول من هو ربّي ومن هو نبيّي، تلجلج لساني فلم ينطق.
ثمّ إنّ منكراً ونكيراً تحرّكا ليمسكا بتلابيبي ويخضعاني لسيطرتهما وعذابهما، فصرتُ بائساً بكلّ ما للكلمة من معني، ورأيتُ أن ليس لي من محيص. لقد صرتُ ممّتحناً أسيراً مضطرباً!
ثمّ خطر في ذهني فجأة أنـّك قلتَ لي: إنّ لدينا شيخاً لو ناداه مضطرّ وندبه في شرق العالم أو غربه لحضر لديه فوراً وأغاثه وكشف كُربته. فهتفتُ: يا علیّ أغثني!
فحضر علیّ بن أبي طالب أمير المؤمنين علیه السلام علی الفور إلی هذا المكان وقال لمنكر ونكير: دعا الرجل فإنّه ليس معانداً ولا من أعدائنا فقد رُبِّي هكذا. إنّ عقائده غير كاملة لانـّه لم يمتلك سعةً لذلك.
هكذا ردّ الإمام ذينك الملكين، وأمر ملكين آخرين بالمجيء ليكملا عقائدي، فهذان الشخصان الجالسان علی المصطبة هما الملكان اللذان جاءا بأمر الإمام ليعلّماني العقائد. وحين ستصبح عقائدي صحيحة فسأكون مجازاً بعبور هذا الممرّ والدخول إلی تلك الروضة.
إنّ هذه الرؤيا التي توضّح جهات من إعانة المستضعفين والعفو عنهم والتكامل البرزخيّ وجهات كثيرة أُخري، لها دلالة أيضاً علی السؤال عن العقائد في عالم القبر.
وهذه الرؤيا نظير أحلام أُخرى من الوقائع المسلّمة الوقوع في عصرنا هذا.
وعلی هذا الاساس في تكميل النفوس الناقصة التي رحلت عن الدنيا والتي لم تصل إلی مقام فعلیتها، فقد وردت روايات في أنّ أولاد المؤمنين الذين رحلوا عن الدنيا في سنيّ طفولتهم يُربّون في عالم البرزخ علی يد إبراهيم الخليل علیه السلام أو علی يد الزهراء سلام الله علیها.
توقيع : نسايم
يا باب الحوائــج حاجتي يمكــ
عليك اقسم بضلع الطاهرة امــكـ
إلهي أسئلك العفو والعافية
عافية الدنيا والأخرة