كان زهير شريفاً في قومه ، نازلاً بالكوفة شجاعاً ، له في المغازي مواقف مشهورة ، ومواطن مشهودة ، وكان في أول الأمر عثمانياً ، أي أنه يميل إلى عثمان ، ويدافع عن مظلوميته .
وكان قد حج في السنة التي خرج فيها الإمام الحسين ( ) إلى العراق ، فلما رجع من الحج جمعه الطريق مع الحسين ( ) ، فأرسل إليه الحسين ( ) و كَلَّمَهُ ، فانتقل علوياً و فاز بالشهادة .
قصة التحاقه بالإمام الحسين ( ) :
روى أبو مخنف في مقتله والمفيد في إرشاده وغيرهما قالوا : حدث جماعة من فزارة وبجيلة قالوا : كنا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكة ، فَكُنَّا نساير الحسين ( ) ، فلم يكن شيء أبغض إليه من أن نسير معه في مكان واحد ، أو ننزل معه في منزل واحد .
فإذا سار الحسين تخلف زهير بن القين ، و إذا نزل الحسين تقدم زهير ، حتى نزلنا يوماً في منزل لم نر بداً من أن ننازله فيه .
فنزل الحسين ( ) في جانب و نزلنا في جانب ، فبينما نحن جلوس نتغدى من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين ( ) حتى سَلَّم ، ثم دخل فقال : يا زهير بن القين ، إن أبا عبد الله الحسين ( ) بعثني إليك لتأتيه .
فطرح كل إنسان منا ما في يده حتى كأن على رؤوسنا الطير ، كراهة أن يذهب زهير إلى الحسين ( ) ، فإنهم كانوا عثمانية ، يبغضون الحسين وأباه أمير المؤمنين ( عليهما السلام ) .
قال أبو مخنف : فحدثتني دلهم بنت عمرو ، امرأة زهير فقالت : قلت له : سبحان الله ! أيبعث إليك ابن رسول الله ( ) ثم لا تأتيه ، فلو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت .
فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه وثـقله ورحله فَقَوَّض وحمل إلى الحسين ( ) .
ثم قال لي : أنت طالق ، إلحقي بأهلك ، فإني لا أحب أن يصيبك بسببي إلا خير .
ثم قال لأصحابه : من أحب منكم أن يتبعني وإلا فإنه آخر العهد ، أني سأحدثكم حديثاً : غزونا بلنجر ففتح الله علينا وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان : أفرحتم ؟ قلنا نعم ، فقال : إذا أدركتم سيد شباب آل محمد ( ) فكونوا أشد فرحاً بقتالكم معه مما أصبتم اليوم من الغنائم .
فأما أنا فأستودعكم الله ، قالوا : ثم والله ما زال في القوم مع الحسين ( ) حتى قُتل .
من مواقفه البُطُولِية :
أولاً : قال أبو مخنف وغيره : إنه لما التقى الحُرُّ بالحسين بذي حسم ( وهو جبل ) ، ومنعهم الحرُّ من المسير ، خطبهم الحسين خطبته التي يقول فيها : ( إنه نزل بنا من الأمر ما قد ترون ) إلخ .
فقام زهير وقال لأصحابه : تتكلمون أم أتكلم ؟
قالوا : بل تكلم .
فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : قد سمعنا هداك الله يا ابن رسول الله مقالتك ، والله لو كانت الدنيا لنا باقية ، وكنا فيها مخلدين إلا أنَّ فراقها في نصرك ومواساتك ، لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها ، فدعا له الحسين وقال له خيراً .
ثانياً : ولما ذهب أبو الفضل العباس إلى أصحاب عمر بن سعد يسألهم ما بالهم حين زحفوا لقتال الحسين كان في عشرين فارساً ، فيهم حبيب بن مظاهر ، وزهير بن القين .
فقالوا : جاء أمر الأمير بالنزول على حكمه أو المنازلة .
فقال لهم العباس لا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم ، فوقفوا وذهب العباس راجعاً ووقف أصحابه .
فقال حبيب لزهير : كلِّمِ القومَ إن شئت ، وإن شئت كلَّمتُهُم أنا .
فقال زهير : أنت بدأت فكلمهم ، فقال لهم حبيب : إنه والله لبئس القوم عند الله غداً ، قوم يقدمون على الله وقد قتلوا ذرية نبيه وعترته وأهل بيته ، وعبَّاد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار والذاكرين الله كثيراً .
فقال له عزرة بن قيس : إنك لَتُزَكِّي نفسك ما استطعت .
فقال له زهير : إن الله قد زكاها وهداها ، فاتَّقِ اللهَ يا عزرة ، فإني لك من الناصحين ، نشدتك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضُّلاَّل على قتل النفوس الزكية .
فقال عزرة : يا زهير ما كنت عندنا من شيعة هذا البيت ، إنما كنت عثمانياً !
قال : أفلا تستدل بموقفي هذا على أني منهم ؟ ، أما والله ما كتبت إليه كتاباً قط ، ولا أرسلت إليه رسولاً قط ، ولا وعدته نصرتي قط ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه .
فلما رأيته ذكرت به رسول الله ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه عدوه وحزبكم .
فرأيت أن أنصره ، وأن أكون في حزبه ، و أن أجعل نفسي دون نفسه ، حفظاً لما ضَيَّعتُم من حق الله وحق رسوله .
ثالثاً : قال أبو مخنف والمفيد وغيرهما : ولمَّا خطب الحسين أصحابه وأهل بيته ليلة العاشر من المحرم ، وأذن لهم في الانصراف وأجابوه بما أجابوه ، كان ممن أجابه زهير بن القين .
فقام وقال : والله لوددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت ، حتى أقتل كذا ألف ، وأن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك .
رابعاً : قالوا : ولمَّا عبّأ الحسين أصحابه للقتال ، جعل في ميمنته زهير بن القين ، ولما خطب الحسين أهل الكوفة يوم عاشوراء ونزل ، كان أول خطيب بعده زهير بن القين .
فخرج على فرس له ذنوب وهو شاك في السلاح ، فقال : يا أهل الكوفة ، بدار ( إنذار ) لكم من عذاب الله بدار ( إنذار ) ، أنَّ حقاً على المسلم نصيحة المسلم ، ونحن حتى الآن إخوة على دين واحد وملة واحدة ، ما لم يقع بيننا وبينكم السيف ، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة ، وكنا نحن أمة وأنتم أمة .
إن الله قد ابتلانا وإياكم بذرية نبيه محمد ( ) ، لينظر ما نحن وأنتم عاملون ، إنا ندعوكم إلى نصرهم ، وخذلان الطاغية عبيد الله بن زياد .
فإنكم لا تدركون منهما إلا سوءاً كله ، عمر سلطانهما [ على مدى أيام حكمهما ] يسملان أعينكم ، ويقطعان أيديكم وأرجلكم ، ويمثلان بكم ويرفعانكم على جذوع النخل ، ويقتلان أماثلكم وقراءكم ، أمثال حجر بن عدي وأصحابه ، وهانيء بن عروة وأتباعه .
فسبوه وأثنوا على ابن زياد ، وقالوا : والله لا نبرح حتى نقتل صاحبك ومن معه ، أو نبعث به وبأصحابه إلى الأمير عبيد الله بن زياد سلماً .
قال أبو مخنف : فناداه رجل من خلفه : يا زهير ، إن أبا عبد الله يقول لك أقبل ، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء ، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت ، لو نفع النصح والإبلاغ ، فرجع .
شهادته :
لمّا فرغ الحسين من صلاة الظهر يوم العاشر من المحرم ، تَقَدَّم زهير (رضوان الله عليه) ، فجعل يقاتل قتالاً لم يُرَ مثله ، ولم يسمع بشبهه .
قال ابن شهر آشوب في المناقب وغيره : حمل على القوم وهو يقول :
أنا زهير وأنا ابن القين
أذودكم بالسيف عن حسين
إنّ حسيناً أحد السبطين
من عترة البرّ التقيّ الزين
ذاك رسول الله غير المَيْن
أضربكم ولا أرى من شين
يا ليت نفسي قُسمت قسمين
قال ابن شهر آشوب : فقتل زهير بن القين ( رضوان الله عليه ) مائة وعشرون رجلاً ، ثم رجع ووقف أمام الحسين وقال له :
وحسناً والمرتضى عليَّا
وذا الجناحين الشهيد الحَيَّا
فكأنه وَدَّعَهُ ، وعاد يقاتل فشدَّ عليه كثير بن عبد الله الشعبي ، ومهاجر بن أوس التميمي فقتلاه ، ولما صُرع وقف عليه الحسين فقال : ( لا يُبعِدَنَّكَ الله يَا زهير ، ولعن الله قاتلك ، لُعِنَ الذين مُسِخُوا قردةً وخنازير ) .
فكانت شهادته ( رضوان الله عليه ) في واقعة الطف بكربلاء ، في سنة ( 61 هـ ) .
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد و آل محمد
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا
و رزقنا الله و اياكم زيارة الحسين في الدنيا و شفاعته في الآخرة
تحياتي.......
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن من ظلمهم
السلام عليك يا اباعبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله أخر العهد مني لزيارتكم .
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين .
اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وال محمد وأخر تابع له على ذلك .
اللهم العن العصابة التي حاربت الحسين وشايعت و بايعت وتابعت على قتله اللهم ألعنهم جميعاً
اللهم العن الكفر والفسوق والعصيان .
اخي لمار
جُزيت خيراً وجعلهُ المولى في ميزان حسناتك
على اختيارك هذه الشخصية الكربلائية العظيمة
ووفقنا الله وآياكم لخدمة الإمام وأهل البيت عليهم السلام
وثبتنا على منهاجهم ودربهم
ورزقنا الله في الدنيا زيارتهم وفي الأخرة شفاعتهم