إن للقضية الحسينية أبعاد شتى في جميع المجالات الإنسانية والاجتماعية والثقافية والسياسية في حياة الأمة المحرومة في هذه الأرض وإن لهذه القضية شعائر تسمى بالشعائر الحسينية العاشورائية، وهذه الشعائر تمت محاربتها بغرض التنازل عنها ونسيانها وجعلها مجرد حادثة تاريخية فقط وفقط كما يتصورون .
ولكن عندنا إيمان قوي وراسخ في نفوسنا جميعاً بأن مأساة الطف لا يمكن أن تموت وتندثر وذلك من قول النبي محمد بأن : " لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً "[1] ، وإن ممارسة الشعائر الحسينية تزيدها رسوخاً وثباتاً في الواقع الاجتماعي والروحي والأخلاقي في بناء المجتمعات الإسلامية.
ومن هذا الوعي يجب علينا جميعاً بإحياء أمر الشعائر بمختلف الوسائل والأساليب الإسلامية من خلال لفت النظر إلى أهميتها وقيمتها ومضمونها وجماهيريتها في حياة المجتمعات الإسلامية، وذلك من خلال المحاضرات والدروس الأخلاقية والاجتماعية وكتابة القصائد الشعرية وتأليف الكتب وغيرها الكثير .. وإن إبراز وإحياء هذه الشعائر لهو انتصار لمفاهيم وأفكار وأبعاد قضية الإمام الحسين الإنسانية والإسلامية .
وإن إحياء هذه الشعائر لاكتشاف أبعاد الفجيعة والكارثة التي حلت بأهل بيت النبوة عليهم السلام ، التي كانت ولم تزل شاهدة على الظلم الأموي الجائر، وشاهدة أيضاً على دور الدم المقدس الذي أريق ظلماً وعدواناً في إحياء النفس الإنسانية، وعدم الرضا بالذل والهوان وسحق الكرامة .
وإن الشعائر الحسينية تعتبر مشروع إنساني وإسلامي لا يمكن تجاوزه وإلغاؤه عبر مرور الأيام والأزمان ! وكيف يمكن إلغاؤها ؟ وهي مبنية بدماء سيد الشهداء ، وإن استمرار هذا البناء قوياً وشامخاً بالمداومة على إقامة الشعائر الحسينية لنزع الظلم بكل أشكاله وأنواعه لكي ننال الحرية والكرامة التي رسمها لنا سيد الشهداء يوم عاشوراء بنفسه وأهل بيته وأصحابه الكرام وتوجها بدمه الزاكي ، فهذه الشعائر لم تأتي من فراغ كما يزعمون؟ أسس لها أبي عبدالله يوم عاشوراء وتم تبليغها عبر وسائل الإعلام العالمية عن طريق السيدة زينب سلام الله عليها و تم التأكيد على إحياؤها وتبليغها إلى جميع أصقاع المعمورة عن طريق الأئمة عليهم السلام وأصحابهم رضي الله عنهم.
فإذا أرادت المجتمعات الإسلامية الحرية والحياة الكريمة دون تسلط أحد ، فعليها بمنهج أبي عبدالله الحسين وذلك عبر ممارسة الشعائر وإحيائها عبر مآتم الوعظ والإرشاد ولبس السواد وتسيير المواكب العزائية والبكاء والتباكي وشق الجيب واللطم وضرب السلاسل والتمثيل والتطبير وإظهار الحزن والجزع على مصاب أبي عبدالله الحسين . 1] مستدرك الوسائل ج10 ص 318.