|
شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.84 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
إحراق بيتها (عليها السلام)
بتاريخ : 26-02-2010 الساعة : 03:57 AM
اللهم صل على محمد وال محمد
إحراق بيتها (عليها السلام)
أنّ القوم قد منعوا من نقل القضايا والحوادث، وجزئيّات الاُمور، وتفاصيل الوقائع، أتتوقّعون أن ينقل لكم البخاري أنّ فلاناً وفلاناً وفلاناً أحرقوا دار الزهراء بأيديهما ؟! بهذا اللفظ تريدون ؟! لقد وجدتم البخاري ومسلماً وغيرهما يحرّفون الاحاديث التي ليس لها من الحسّاسيّة والاهميّة ولا عشر معشار ما لهذه المسألة.
إنّ إحراق بيت الزهراء من الاُمور المسلّمة القطعيّة في أحاديثنا وكتبنا، وعليه إجماع علمائنا ورواتنا ومؤلّفينا، ومن أنكر هذا أو شكّ فيه أو شكّك فيه فسيخرج عن دائرة علمائنا، وسيخرج عن دائرة أبناء طائفتنا كائناً من كان.
أمّا في كتب أهل السنّة، فقد جاءت القضيّة على أشكال، وأنا قد رتّبت القضايا والروايات والاخبار في المسألة ترتيباً، حتّى لا يضيع عليكم الامر ولا يختلط، وحتّى تكونوا على يقظة ممّا يفعلون في نقل مثل هذه القضايا والحوادث فإنّ القدر الذي ينقلونه أيضاً يتلاعبون به، أمّا الذي لم ينقلوه، أمّا الذي منعوا عنه، أمّا الذي تركوه عمداً، فذاك أمر آخر، فالذي نقلوه كيف نقلوه ؟ وسأذكر لكم ما يتعلّق بهذه المسألة تحت عناوين:
1 ـ التهديد بالاحراق:
بعض الاخبار والروايات تقول بأنّ عمر بن الخطّاب قد هدّد بالاحراق، فكان العنوان الاول التهديد، وهذا ما تجدونه في كتاب المصنّف لابن أبي شيبة، من مشايخ البخاري المتوفى سنة 235 هـ، يروي هذه القضيّة بسنده عن زيد بن أسلم، وزيد عن أبيه أسلم وهو مولى عمر، يقول:
حين بويع لابي بكر بعد رسول الله، كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله، فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم، فلمّا بلغ ذلك عمر بن الخطّاب، خرج حتّى دخل على فاطمة فقال: يا بنت رسول الله، والله ما أحد أحبّ إلينا من أبيك، وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك، وأيم الله ما ذاك بمانعي إنْ اجتمع هؤلاء النفر عندك أن أمرتهم أن يحرّق عليهم البيت(1) .
وفي تاريخ الطبري بسند آخر:
أتى عمر بن الخطّاب منزل علي، وفيه طلحة والزبير [ هذه نقاط مهمّة حسّاسة لا تفوتنّكم، في البيت كان طلحة أيضاً، الزبير كان من أقربائهم، أمّا طلحة فهو تيميّ ] ورجال من المهاجرين فقال: والله لاُحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة، فخرج عليه الزبير مصلتاً سيفه، فعثر فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه(2) .
وأنا أكتفي بهذين المصدرين في عنوان التهديد.
لكن بعض كبار الحفّاظ منهم لم تسمح له نفسه لانْ ينقل هذا الخبر بهذا المقدار بلا تحريف، لاحظوا كتاب الاستيعاب لابن عبد البر، فإنّه يروي هذا الخبر عن طريق أبي بكر البزّار بنفس السند الذي عند ابن أبي شيبة، يرويه عن زيد بن أسلم عن أسلم وفيه:
إنّ عمر قال لها: ما أحد أحبّ إلينا بعده منك، ثمّ قال: ولقد بلغني أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليك، ولان يبلغني لافعلنّ ولافعلن(1) .
نفس الخبر، بنفس السند، عن نفس الراوي، وهذا التصرف ! وأنتم تريدون أنْ ينقلوا لكم إنّه أحرق الدار بالفعل ؟ وأيُّ عاقل يتوقّع من هؤلاء أنْ ينقلوا القضيّة كما وقعت ؟ إنّ من يتوقّع منهم ذلك إمّا جاهل وإمّا يتجاهل ويضحك على نفسه !!
2 ـ المجيء بقبس أو بفتيلة:
وهناك عنوان آخر، وهو «جاء بقبس» أو «جاء بفتيلة» هذا أيضاً أنقل لكم بعض مصادره:
روى البلاذري المتوفى سنة 224 في أنساب الاشراف بسنده: إنّ أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة، فلم يبايع، فجاء عمر ومعه فتيلة، فتلقّته فاطمة على الباب، فقالت فاطمة: يابن الخطّاب، أتراك محرّقاً عَلَيّ بابي ؟! قال: نعم، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك(2) .
وفي العقد الفريد لابن عبد ربّه المتوفى سنة 328: وأمّا علي والعباس والزبير، فقعدوا في بيت فاطمة حتّى بعث إليهم أبو بكر [ ولم يكن عمر هو الذي بادر، بَعَثَ أبو بكر عمر بن الخطّاب ]ليخرجوا من بيت فاطمة وقال له: إنْ أبوا فقاتلهم، فأقبل بقبس من نار على أنْ يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة فقالت: يابن الخطّاب، أجئت لتحرق دارنا ؟ قال: نعم، أو تدخلوا ما دخلت فيه الاُمّة(1) .
أقول:
وقارنوا بين النصوص بتأمّل لتروا الفوارق والتصرّفات.
وروى أبو الفداء المؤرخ المتوفى سنة 732 هـ في المختصر في أخبار البشر الخبر إلى: وإنْ أبوا فقاتلهم، ثمّ قال: فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدار(2) .
3 ـ إحضار الحَطَب ليحرّق الدار
وهذا هو العنوان الثالث، ففي رواية بعض المؤرّخين: أحضر الحَطَب ليحرّق عليهم الدار، وهذا في تاريخ المسعودي (مروج الذهب) وعنه ابن أبي الحديد في شرح النهج عن عروة بن الزبير، إنّه كان يعذر أخاه عبدالله في حصر بني هاشم في الشِعب، وجمعه الحطب ليحرّقهم، قال عروة في مقام العذر والاعتذار لاخيه عبدالله ابن الزبير: بأنّ عمر أحضر الحطب ليحرّق الدار على من تخلّف عن البيعة لابي بكر(1) .
«أحضر الحطب» هذا ما يقوله عروة بن الزبير، وأولئك يقولون «جاء بشيء من نار» فالحطب حاضر، والنار أيضاً جاء بها، أتريدون أنْ يصرّحوا بأنّه وضع النار على الحطب، يعني إذا لم يصرّحوا بهذه الكلمة ولن يصرّحوا ! نبقى في شك أو نشكّك في هذا الخبر، الخبر الذي قطع به أئمّتنا، وأجمع عليه علماؤنا وطائفتنا ؟!!
4 ـ المجيء للاحراق:
وهذه عبارة أُخرى: إنّ عمر جاء إلى بيت علي ليحرّقه أو ليحْرقه.
وبهذه العبارة تجدون الخبر في كتاب روضة المناظر في أخبار الاوائل والاواخر لابن الشحنة المؤرخ المتوفى سنة 882 هـ، وكتابه مطبوع على هامش بعض طبعات الكامل لابن الاثير ـ وهو تاريخ معتبر ـ يقول: إنّ عمر جاء إلى بيت علي ليحرّقه على من فيه، فلقيته فاطمة فقال: أُدخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة.
هذا، وفي كتاب لصاحب الغارات إبراهيم بن محمّد الثقفي، في أخبار السقيفة، يروي عن أحمد بن عمرو البجلي، عن أحمد ابن حبيب العامري، عن حمران بن أعين، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال: «والله ما بايع علي حتّى رأى الدخان قد دخل بيته».
كتاب السقيفة لهذا المحدّث الكبير لم يصلنا، نقل هذا المقطع عن كتابه المذكور: الشريف المرتضى في كتاب الشافي في الامامة.
وعندما نراجع ترجمة هذا الشخص ـ إبراهيم بن محمّد الثقفي المتوفى سنة 280 أو 283 هـ ـ نرى من مؤلّفاته كتاب السقيفة وكتاب المثالب، ولم يصلنا هذان الكتابان، وقد ترجم له علماء السنّة ولم يجرحوه بجرح أبداً، غاية ما هناك قالوا: رافضي.
نعم هو رافضي، ألّف كتاب السقيفة وألّف كتاب المثالب، ونقل مثل هذه الاخبار، روى مسنداً عن الصادق أبي عبدالله جعفر بن محمّد: والله ما بايع علي حتّى رأى الدخان قد دخل بيته.
وممّا يدلّ على صحّة روايات هذا الشخص ـ إبراهيم بن محمّد الثقفي ـ ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني قال: لمّا صنّف كتاب المناقب والمثالب أشار عليه أهل الكوفة أن يخفيه ولا يظهره، فقال: أيّ البلاد أبعد عن التشيّع ؟ فقالوا له: إصفهان ـ إصفهان ذاك الوقت ـ، فحلف أنْ يخفيه ولا يحدّث به إلاّ في إصفهان ثقةً منه بصحة ما أخرجه فيه، فتحوّل إلى إصفهان وحدّث به فيها(1) .
ذكره أبو نعيم الاصبهاني في أخبار اصبهان.
في هذه الرواية: «والله ما بايع علي حتّى رأى الدخان قد دخل بيته»، وأولئك كانوا يتجنبون التصريح بهذه الكلمة، صرّحوا «بالحطب» صرّحوا «بالنار» صرّحوا «بالقبس» صرّحوا «بالفتيلة» صرّحوا بكذا وكذا، إلاّ أنّهم يتجنّبون التصريح بكلمة إنّه وضع النار على الحطب، وتريدون أنْ يصرّحوا بهذه الكلمة ؟ أما كانوا عقلاء ؟ أما كانوا يريدون أن يبقوا أحياء ؟ إنّ ظروفهم ما كانت تسمح لهم لانْ يرووا أكثر من هذا، ومن جهة أُخرى، كانوا يعلمون بأنّ القرّاء لكتبهم والذين تبلغهم رواياتهم سوف يفهمون من هذا الذي يقولون أكثر ممّا يقولون، ويستشمّون من هذا الذي يذكرون الاُمور الاُخرى التي لا يذكرون، أتريدون أنْ يقولوا بأنّ ذلك وقع بالفعل ويصرّحوا به تمام التصريح، حتّى إذا لم تجدوا التصريح الصريح والتنصيص الكامل تشكّون أو تشكّكون، هذا والله لعجيب !
الهوامش
1) المصنف لابن أبي شيبة 7/432.
(2) تاريخ الطبري 3 / 202.
(1) الاستيعاب في معرفة الاصحاب 3 / 975.
(2) أنساب الاشراف 1/586.
(1) العقد الفريد 5/13.
(2) المختصر في أخبار البشر 1 / 156.
(1) مروج الذهب 3 / 86، شرح ابن أبي الحديد 20 / 147.
(1) لسان الميزان 1 / 102.
|
|
|
|
|