فقالت: ما أنا مفضّلته على هؤلاء الأنبياء، ولكنَّ الله عزَّ وجلَّ فضّله عليهم في القرآن بقوله عزَّ وجلَّ في حقِّ آدم: ( وعَصى آدم ربّه فَغوى ) ،
وقال في حق عليّ: ( وكان سعيكم مَشكُورا ) .
فقال: أحسنت يا حرّة، فبم تفضّلينه على نوح ولوط ؟
فقالت: الله عزّ َوجلَّ فضّله عليهما بقوله: ( ضَرب الله مَثلاً للّذين كَفروا امرأة نوح وامرأة لوٍط كانَتا تَحت عَبْديِن من عِبادِنا صالِحين فَخانتاهُما فَلم يُغنيا عَنهما مِن الله شيئا وقيل ادخُلا النار مع الداخلين )
وعليُّ بن أبي طالب كان ملاكه تحت سدرة المنتهى، زوجته بنت محمّد فاطمة الزَّهراء الّتي يرضى الله تعالى لرضاها ويسخط لسخطها.
فقال الحجّاج: أحسنت يا حرَّة فبمَ تفضّلينه على أبي الأنبياء إبراهيم خليل الله ؟
فقالت: الله عزّ َوجلَّ فضّله بقوله: ( وإذْ قال إبراهيم ربِّ أرني كَيفَ تَحي الموتى قال أو لَمْ تُؤمن قال بلى ولكن ليطمئنَّ قلبي )
ومولاي أمير المؤمنين قال قولاً لا يختلف فيه أحد من المسلمين: (لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا)، وهذه كلمة ما قالها أحد قبله ولا بعده.
فقال: أحسنت يا حرَّة فبمَ تفضّلينه على موسى كليم الله ؟
قالت: يقول الله عزَّ وجلَّ: ( فَخَرجَ مِنها خائفا يترقّب )
وعليُّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ بات على فراش رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لم يَخَفْ حتّى أنزل الله تعالى فيحقّه
وَمِنَ الّناسِ مَنْ يشَري نفسهُ ابتغاء مَرضات الله ) .
قال الحجّاج: أحسنت يا حرَّة فبمَ تفضّلينه على داود وسليمان ـ عليهما السلام ـ ؟
قالت: الله تعالى فضّله عليهما بقوله عزّ َوجلَّ: ( يا داود إنّا جَعلناك خَليفة في الأرض فاحكم بين النّاس بالحقِّ ولا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل الله ).
قال لها: في أيِّ شيء كانت حكومته ؟
قالت : في رجلين رجل كان له كَرم والآخر له غنم ، فنفشت الغنم بالكَرم رعته فاحتكما إلى داود ـ عليه السلام ـ فقال : تُباع الغنم وينفق ثمنها على الكرم حتّى يعود إلى ما كان عليه ، فقال له ولده : لا يا أبة بل يؤخذ من لبنها وصوفها ، قال الله تعالى : ( ففهّمناها سليمان )
وإنَّ مولانا أمير المؤمنين عليّا ـ عليه السلام ـ قال: سلوني عمّا فوق العرش ، سلوني عمّا تحت العرش ، سلوني قبل أن تفقدوني ، وإنّه ـ عليه السلام ـ دخل على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يوم فتح خيبر فقال النبيُّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ للحاضرين :
أفضلكم وأعلمكم وأقضاكم عليُّ .
فقال لها: أحسنت فبمَ تفضّلينه على سليمان ؟
فقالت: الله تعالى فضّله عليه بقوله تعالى: ( ربِّ هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي)