يقول البعض أن الديـْـن للإنسان قبيح ، ولكن هؤلاء مع احترامنا لهم لا يفهمون ، فالديـْـن فضيلة للإنسان ، فلو كان للإنسان طموح ودخله أو ما في حوزة يداه لا يكفي لتلبية طموحاته فمن اللازم عليه أن يستدين وإلا فكيف ينجز طموحاته ؟! فإذا أراد الفرد مساعدة الفقراء أو طباعة الكتب أو أداء أعمال خيرية بشكلٍ عام وليس عنده أموال فليس هناك دِين أو عقل أو وجدان أو شيء آخر يمنعه من ذلك ، بل بالعكس فالدِين وغيره يقول افعل ذلك وإن لم يكن بحوزتك أموال فاستدين ثم يسهـّـل الله عليك فتقضي الديـْـن ، وقد جاء في المأثور عن رسول الله أن من صفاته أنه كان مديونـًا رغم أنه كان زاهدًا في حياته المعيشية ولكن ديْنه لم يكن لأجل حياته المعيشية وإنما ديـْـنه كان لأجل الخيرات والمبرّات وما أشبه ، ولذا فلنتأمل في هذا النص الوارد في شأن من شئون حياته الكريمة صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين:
إن رسول الله لمـّا أراد الهجرة خلـّف علي ابن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه وردّ الودائع التي كانت عنده وأمره ليلة الخروج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام على فراشه فقال (ص) :يا علي اتشح ببُردي الحضرمي ثم نم على فراشي.
وفعَلَ ذلك عليٌ فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل وميكائيل عليهما السلام أنـّي آخيتُ بينكما وجعلتُ عمر أحدكما أطول من الآخر فأيّكما يؤثِر صاحبه بالحياة ؟
فاختارا كلاهما الحياة.
فأوحى الله عز وجل إليهما : ألا كنتما مثل علي ابن أبي طالب آخيْتُ بينهُ وبيْن محمد فنام على فراشهِ يفدِيه بنفسه ويؤثِرهُ بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاهُ من عدوّه.
فنزلا ، جبرائيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجلهِ .
فقال جبرائيل: بخٍ بخٍ ، من مثلكَ يا ابن أبي طالب يباهي الله بكَ الملائكة ؟
فأنزل الله على رسولهِ وهو متوجـّه إلى المدينة في شأن علي ابن أبي طالب هذه الآية الكريمة {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} سورة البقرة – الآية 107.