يحار الفكر و يرتعش القلم ماذا يكتب عن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ابنة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه واله ) وزوجة الوصي حيدر (عليه السلام)
لأننا مهما كتبنا وأسهبنا بالكلام نظل عاجزين عن وصف الزهراء وذكر فضائلها بل وتأدية حقها والثناء عليها الزهراء قدوة لكل الأجيال وعلى مر العصور فهي المثل في الابنة البارة بأبيها وهي الفتاة المؤمنة الملتزمة بشرع الله سبحانه وما جاء به النبي الأعظم (صلى الله عليه واله) وهي الأخت الواعية بكلامها وتصرفاتها وهي الزوجة المطيعة والوفية لزوجها الحانية عليه الحافظة لسره هي كهف الحنان وراحة النفس
وهي الصابرة المحتسبة هي الأم المعلمة والمربية التي ربت أولادها فأحسنت التربية كيف لا وهي ابنة المصطفى(صلى الله عليه واله) والسيدة خديجة الكبرى أمها (سلام الله عليها) هي الطاهرة النفية المفكرة العالمة تجسد ت الروحانية الخالصة لله فيها فهي الكفؤ في كل شيء والتي لا يصلح لها إلا الكفؤ لذلك قال رسول الله (صلى الله عليه واله ) [ لو لم يكن علي لما كان لفاطمة كفؤ
ماذا أقول عنك سيدتي فأنت مثال الطهر والعفة والصدق والأمانة والصبر والشجاعة ، كل الفضائل تجتمع في البتول فاطمة
- فاطمة أم أبيها عندما نقرأ بداية حياة سيدنا المصطفى(صلى الله عليه واله) ونجد الحزن والألم المختزن بمشاعره والفاقد لما هو أجمل شيء وهو الأم وحنان هذه الكلمة بكل ما فيها من معاني لقد عاش الرسول بدايته حياة الوحدة حينما فقد أمه آمنة (سلام الله عليها)
وهو رضيع يحتاج للحنان والعاطفة المختزنة في كل أم والذي يحتاجها كل رضيع وطفل على وجه هذه البسيطة
وجاء ت الأقدار بأخذ جده وعمه اللذان أحنيا عليه بفترة من الفترات ولكن هذا لم يعوضه عن ذلك الحنان كان يريد تلك اللمسة الحانية على رأسه التي تزيل عنه الهموم والمتاعب فجاءت الزهراء (عليها السلام) لتعوضه و لتعطيه ذلك الدفع من العاطفة والصفاء وتحتضن كل متاعبه وتحولها إلى راحة ونقاء تمسح جبينه وخديه بل تقبل يديه ووجنتيه تماما كما تفعل الأم بولدها فوجد النبي (صلى الله عليه واله) عاطفة الأمومة تجسدت من جديد في أبنته الزهراء (عليها السلام)
وربما كان يحتضنها كما يحتضن الطفل أمه ويمسح وجهه بصدرها ليكتسب ذلك الدفء والأمان منه ولما لا أليس هو بشر روح ومشاعر وأحاسيس ، بلى وهو أشرف الخلق وسيد البشرية قاطبة
لقد جسدت الزهراء (عليها السلام) كهف الحنان والصدر المفعم بالمحبة وصدق الأحاسيس فكان لها شرف لا يدانيه شرف بأن قال عنها النبي الأكرم (صلى الله عليه واله) [ فاطمة أم أبيها ]
فكل تلك المشاعر الصافية كانت بها كانت الطبيبة لجروحه بأبي هو وأمي وكانت كهف أسراره وكانت محط رحاله وراحته بعد التعب فكان لا يسافر إلى مكان إلا ويزورها ويطمئن عليها وعندما يعود أول منزل يقصده هو منزلها وفي كل صلاة يطرق بابها بيديه الشريفتين ويقول الصلاة ....الصلاة
[ إتما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ]
وكانت الابنة المطيعة لوالدها المتابعة لحركاته وأفعاله كانت كظله بحيث لا يذهب لمكان إلا وتتابع خطواته وجاء في السيرة النبوية العطرة ( أن قريش أرادت إهانة الرسول (صلى الله عليه واله) فألقت عليه سلا الجزور من فوق إحدى البيوت وهو ساجد يصلي فأخذت الزهراء تمسح ظهره وتنظفه وتبكي ألما لما يلحق بأبيها من أذى فكانت مثالا للأم والرفيق والأخت
فاطمة بضعة مني
كانت هذه الكلمة فضيلة أخرى تضاف لسلسلة فضائلها ( عليها السلام ) حيث قال رسول الله (صلى الله عليه واله)
[ فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ]
( راجع صحيح مسلم ج 5 ص 24 ح 2449وكنز العمال ج12 ص 111 وتاريخ دمشق ج3 ص 156 )
وفي رواية أخرى
[ من أغضبها فقد أغضبني ]
وقد خاطبها (صلى الله عليهما والها) ذات مرة
[ يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك ]
( الصواعق المحرقة ص175 )
وكان هذا الحديث مثابة تحذير للذين يحاولون إغضاب بضعة الرسول (صلى الله عليه واله) ولكن القوم لم لم يلتفتوا لهذا وكان أول شيء فعلوه بعد رحيل النبي الأكرم (صلى الله عليه واله) غصب الخلافة من زوجها الوصي المنصوص عليه و حرمانها من إرثها وإحراق باب بيتها ودفع الباب عليها مما أدى لكسر ضلعها الشريف وإسقاط جنينها
( تاريخ الطبري – تاريخ الكامل لأبن الأثير- والإمامة والسياسة وكتب أخرى )
فرحلت الصديقة شهيدة تشكوا ما أصابها لأبيها تعلمه أن القوم ضربوا بعرض الحائط أقواله وأوامره وأنتهكوا حرمته بعد رحيله مباشرة لقد عانت الزهراء ما عانت في سبيل نصرة الدين ودافعت عن حقها وحق زوجها وكانت الصوت الهادر الذي تهتز لها جدران وبيوت يثرب المرأة الصلبة المتحدية لطغيان الظالمين
فسجلت بذلك أروع سطور البطولة والشجاعة وكانت السيدة زينب (عليها السلام) مثال أمها الزهراء (عليها السلام) إقتبست منها الصبر والشجاعة والحنان والعطف فكانت للحسين (عليها السلام) كفاطمة لأبيها فكيف لا وهم ذرية المصطفى ذرية بعضها من بعض
مثال الإخلاص لقد عاشت الزهراء في بيتها مع زوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام ) كأفضل ما تكون النساء حاملة عبء المسؤولية تطحن الطحين وتعجن الخبز تتقاسم العمل مع خادمتها فضة ترعى شؤون زوجها الكرار تستقبله هاشة الوجه مع كثرة آلامها كانت لا تظهرها كي لا تزيد هما عليه فهي تعلم أنه إذا رآها تعبة منهكة يغتم لذلك تحاول رفع عناء الحرب والترحال تخفف من وطأة هموم الأمة الاسلامية التي ألقيت على عاتقه
ترعى أبناءها تعلمهم أسس الحياة الإسلامية وتجسد ذلك من خلال تعاملها مع زوجها وبنيها وجيرانها
يروي لنا الإمام الحسن (عليه السلام) كيف كانت تقوم الليل ويراها بحيث هي لا تراه يجلس مراقبا لهذه الأم المؤمنة المفعمة بالإيمان والصدق تقف في صلاتها حتى تتورم قدماها الشريفتين وذلك من طول مناجاتها لله سبحانه وفي ركعة الوتر كانت تدعو للمؤمنين والمؤمنات وينتظر ليتعلم كيف الدعاء فيراها لا تدعوا لنفسها فيقول لها
( أماه لما لا تدعين لنفسك)
وأنت أحق بهذا لما تلاقيه من تعب فتقول له
( يا بني الجار ثم الدار)
فجسدت مثال المرأة المخلصة لزوجها ولأبنائها ولجوارها تلك هي الزهراء (عليها السلام) بضعة المصطفى مثال للإخلاص
لقد قرن رسول الله (صلى الله عليه واله) أهل بيته مع القرآن وكانت الزهراء الأولى بمن نال هذا الشرف حيث قال
[ إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ]
فالسيدة الزهراء (عليها السلام) ركن أساسي في بناء البيت المحمدي العلوي فهي بحر كامل من العطاء والتضحية وهي الكوثر والخير الكثير الذي وعده الله سبحانه لنبيه المصطفى (صلى الله عليه واله) ووعده صدق إذ قال
[ إنا أعطيناك الكوثر * فصلي لربك وانحر * إن شانئك هو الأبتر ]
فانظر يا أخي يمنة وشمالا ترى ذرية المصطفى ليوث تملأ البوادي والبلاد ومهما حاول حكام الجور من إطفاء هذه الشعلة وهذا السراج المنير يأبى الله إلا أن يتم نوره نرى أحفاد الزهراء (عليها السلام) وأتباعها أعلام خفاقة وأصوات هادرة
تمجد ذكر الزهراء وزوجها وبنيها شلال هادر من الخير والعطاء وعده الله سبحانه لرسوله الكريم .فالزهراء عدل القرآن وهي سفينة نجاة ما خاب من تمسك بها ولجأ إليها
فاطمة وعلي (عليهما السلام ) بحران نابضان
قال تعالى
[ مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ]
الزهراء بحر من العلم والعطاء وعلي (عليهما السلام) بحر من الإيمان والفداء إستمد الطرفان من شعاع نور محمد (صلى الله عليه واله)
فاطمة نور النبوة وعلي نور الإمامة إلتقيا في زواج ميمون مبارك تحفه الملائكة تحت مظلة رضى الله سبحانه فكان نتاج هذا اللقاء سيدا شباب أهل الجنة السبطين الطاهرين المعصومين الحسن والحسين فكان العلم والعطاء وكان الأيمان والفداء
ونقل الحافظ السيوطي في تفسيره الدر المنثور عن ابن عباس في قوله [ مرج البحرين يلتقيان ] قال : علي وفاطمة
[ بينهما برزخ لا يبغيان ]
قال : النبي الأكرم (صلى الله عليه واله)
[ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ]
قال : الحسن والحسين (عليهم السلام) . وكما قال رسول الله (صلى الله عليه واله) هذان إمامان قاما أ وقعدا أي بمعنى أنهما إمامان في العلم والعطاء وإمامان في الفداء والشجاعة
كيف لا وهما ريحانتا رسول الله (صلى الله عليه واله) وهما القلب النابض لهذه الدعوة ويالهفي عليهما كيف فعل بهما أهل الجور الإفساد كيف سم سيدي الحسن المجتبى (عليه السلام) وحز رأس الطاهر آبى عبد الله الحسين (عليه السلام)
فاطم لو خلت الحسين مجدلا
بأبي أنتم وأمي يا أهل بيت النبوة كيف سيقابلون الرسول(صلى الله عليه واله) وأيديهم ملطخة بدمائكم . أتزعم أمة قتلت حسين ....شفاعة جده يوم الحساب . السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة . وطوبى لك من سار على نهجك سيدتي ليرتقي لمعارج الصدق والوفاء
فحري بكل شاب مؤمن وكل فتاة مؤمنة التزود من معين الزهراء الذي لا ينضب
فهي مدرسة للأجيال والعصور
مهما كتب عنها فإتها سيدتنا فلن نجاري فضلها ولن نستطيع إحصاء فضائلها
اللهم صلي على فاطمة وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اختي الكريمة خادمة السيد الفالي جزاك الله خير جزاء الدنيا والاخرة ورزقك شفاعة مولاتنا الزهراء روحي لها الفداء يوم المحشر يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم
لك مني كل الود والاحترام