أخلاقها تجسدت في شخصية فاطمة مختلف أبعاد الأخلاقالإسلامية التي دعت وأكدت عليها التعاليم القرآنية ، ولقد ضربت المثل الأعلى للمرأةالمؤمنة الكاملة ، وهذا ما نراه واضحا ، وجليا من خلال استقراء سيرتها وفي مختلف الأبعادالإنسانية ، فقد ورد عن عليقال : كنا جلوسا عند رسول اللهفقال : أخبروني أي شئ خير للنساء ؟ فعيينا بذلك حتى تفرقنا ، فرجعت إلى فاطمة ، فأخبرتهاالذي قال لنا رسول اللهوليسأحد منا علمه ، ولا عرفه .
قالت : ولكني أعرفه : خير للنساء أن لا يرينالرجال ولا يراهن الرجال فرجعت إلى رسول اللهفقلت يا رسول الله ، سألتنا : أي شئ خير للنساء ؟ وخيرهن أن لايرين الرجال ولا يراهن الرجال . قال : من أخبرك ، فلم تعلمه وأنت عندي ؟ قلت فاطمةفأعجب ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال إن فاطمة بضعة مني .
والذي يظهر من هذه الأحاديث أن فاطمة حددتالضابطة الكلية التي فيها خير المرأة والصلاح لها في الحياة الدنيا والآخرة ذلك هوأن لا يرى المرأة رجل ولا ترى رجل ، وفي أمر ورد أيضا عن الإمام موسى بن جعفراستأذن أعمى على فاطمةفحجبته . فقال رسول اللهلها : لم حجبته وهو لا يراك ؟ فقالت: إن لم يكن يراني فأني أراه ،وهو يشم الريح ، فقال رسول اللهأشهد إنك بضعة مني .
وسأل رسول اللهأصحابه عن المرأة ، ما هي ؟ قالوا : عورة : قال فمتى تكون أدنىمن ربها ؟ فلم يدروا ، فلما سمعت فاطمة ( عليها السلام ) ذلك قالت : أدنى ما تكونمن ربها أن تلزم قعر بيتها ، فقال رسول الله: إن فاطمة بضعة مني.
أقول : يظهر من هذا الحديث أن الرسول سأل أصحابهولم يكن فيهم علي، وهذا معارضللحديث الأول من حيثية وجود علي، فالحديث الأول بين أن الإمام علي يعرف جواب السؤال الذي سأله الرسول ( صلى اللهعليه وآله وسلم ) وهذا مخالف لكثير من الأحاديث التي تبين مقام علي ( عليه السلام ) العلمية ولذا سيكون من حيث الدلالة الحديث الأخير الذي قدمناه وهو الأصح ، وإلا لوكان عليحاضرا لأجاب على سؤالالرسولوخاصة نحن نعلم أن عليوفاطمة أحدهما كفوا للآخر في كلالأمور التي أقرأتها الأحاديث التي وردت عن لسان المعصومين. وأعطي لك شاهدا واحدا من خلال استقراءأحاديث العلماء والصالحين في قضية أخلاق فاطمة الزهراءتاركا لك مراجعة أقوال الآخرين فضلا عن أحاديثأهل البيت الذي هي بحر عميق لمن أراد الغوص فيه واستخراج الدرر المتناثرة فيه ، ومنهذه الأقوال .
لم تكن الزهراء امرأة عادية كانت امرأة روحانيةامرأة ملكوتية . . . كانت إنسانا بتمام معنى الكلمة نسخة إنسانية متكاملة . . . امرأة حقيقية كاملة . . . حقيقة الإنسان الكامل ، لم تكن امرأة عادية ، بل هي كائنملكوتي تحلى في الوجود بصورة إنسان . . . بل كائن إلهي جبروتي ظهر على هيئة امرأة . . . فقد اجتمعت في هذه المرأة جميع الخصال الكمالية المتصورة للإنسان وللمرأة . إنها المرأة التي تتحلى بجميع خصال الأنبياء . . . المرأة التي لو كانت رجلا لكانتنبيا . . . لو كانت رجلا لكانت بمقام رسول الله.
غدا يوم المرأة حيث ولدت جميع أبعاد منزلتهاوشخصيتها ، غدا ذكرى مولد كائن الذي اجتمعت فيه المعنويات ، والمظاهر الملكوتية ،والإلهية والجبروتية والملكية والإنسية ، غدا ميلاد الإنسان لجميع الإنسانية منمعنى ، غدا ميلاد امرأة بكل ما تحمله كلمة " المرأة " من معنى إيجابي . أن المرأةتتسم بأبعاد مختلفة كما هو الرجل ، وإن هذا المظهر الصوري الطبيعي يمثل أدنى مراتبالإنسان أدنى مراتب المرأة ، وأدنى مراتب الرجل ، بيد أن الإنسان يسمو في مدارجالكمال انطلاقا من هذه المرتبة المتدنية ، فهو في حركة دؤبة من مرتبة الطبيعة إلىمرتبة الغيب ، إلى الفناء في الإلهية وأن هذا المعنى متحقق في الصديقة الزهراء ،التي انطلقت في حركتها من مرتبة الطبيعة وطوت مسيرتها التكاملية بالقدرة الإلهية ،بالمدد الغيبي وبتربية رسول اللهلتصل إلى مرتبة دونها الجميع . امرأة هي مغفرة بيت النبوة وتسطع كما تسطعالشمس في جبين الإسلام العزيز ، امرأة تماثل فضائلها الرسول الأكرم والعترة الطاهرةغير متناهية . . . امرأة لا يفي حقها من الثناء كل من يعرفها مهما كانت نظرته ،ومهما ذكر لأن الأحاديث التي وصلتنا عن بيت النبوة هي على قدر أفهام المخاطبين ،واستيعابهم فمن غير الممكن صب البحر في جرة ، ومهما تحدث عنها الآخرون فهو على قدرفهمهم ولا يضاهي منزلتها . إذن فمن الأولى أن نمر سريعا من هذا الوادي العجيب . وكانت الصديقة فاطمةعابدة بكلما تحمل هذه الكلمة من معنى ، فمتى ما كانت تقوم في محرابها بين يدي الله تعالى ،زهر عند ذلك نورها لملائكة السماوات والأرض كما نير هو نور الكواكب لأهل الأرض ،وروت هي سلام الله عليها أنها قالت : سمعت النبييقول : إن في الجمعة لساعة لا يراقبها رجل مسلم يسأل الله عزوجل فيها خيرا إلا أعطاه إياه . فقلت : يا رسول الله أي ساعة هي ؟ قال إذا تدلى نصفعين الشمس للغروب . لذا نجدها سلام الله عليها كانت تقول لغلامها اصعد على الظرابفإذا رأيت نصف عين الشمس قد تدلى للغروب فأعلمني حتى ادعوا ولذلك نجد في كتبالأدعية والزيارة استحباب قراءة دعاء السمات آخر ساعة من يوم الجمعة تأسيا بما وردعن لسان فاطمة عن أبيها رسول الله.
وورد عن الإمام الحسنأنه قال : رأيت أمي فاطمةقامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعةساجدة حتى أنصع عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولاتدعو لنفسها بشئ فقلت لم لهذا يا أماه ، لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ ! فقالت : يا بني الجار ثم الدار ، وأخيرا قول الحسن البصري الذي قال في حقها: " ما كان في هذه الأمة أعبد منفاطمةكانت تقوم حتى تتورمقدماها
السلام عليك يا سيده نساء العالمين فاطمه الزهراء (ع)
يادايم الفضل على البرية
ياباسط اليدين بالعطية
يا صاحب المواهب السنية
صلى على محمد وآل محمد
خير الورى سجية
وغفر لنا ياذا العلى في هذه العشية ...
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك