وفيه: عن سويد بن غفلة: قال علي عليه السلام: سمعت النبي (ص) يقول:” يأتي في آخر الزمان قوم حديثي الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فان قتلهم اجر لمن قتلهم يوم القيامة”.
الخوارج في التاريخ :
كانوا يظهرون العبادة والنسك والتهجد، وأضمروا العداء لأهل البيت والصحابة والتابعين بإحسان الفضلاء الذين ثبتوا على الحق والعهد ، وخرجوا على سائر المسلمين وطاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يحاربونهم وارتكبوا المجازر بحقهم، فلم يقتلوا يهوديا ولا مجوسيا ولا مشركا ولا ملحدا بل قاتلوا المسلمين، حتى قتلوا إمام زمانهم علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام .
الخوارج في هذا العصر :
منذ وقبل القرن الرابع ظهرت تيارات إسلامية متفرقة فسرت برأيها واجتهدت خاطئة، منها الحشوية الحنبلية التي قالت بالتجسيم وغيرها من الأمور، وهي التي سارت الوهابية بمنهاجها رغم التيارات التصحيحية التي تقوم بين الفينة والفينة لتصحيح المعتقد، إلا أن الباحث يجد تقاربا شديدا بين معتقداتهم.
وفي العصر الحديث ومنذ ما يقارب القرنين من الزمن عاود الشيطان ببث قرنه من جديد تحت إسم “الوهابية” في داخل السعودية “والسلفية” في خارجها فكانوا كما وصفهم القرآن والحديث الشريف تماما كل ضحاياهم من المسلمين سنة وشيعة وبلا تفرقة وتاريخ غزواتهم على ديار المسلمين موجود منذ نشأت الدعوة وحتى يومنا الحاضر.
ومن باب أن كل ما بني على باطل فهو باطل، نجد أن معظم معتقدات ألوهابيه مبنية على اختلاف اجتماع الأمة الإسلامية من المذاهب المختلفة قبل قيام ابن تيمية والممهدين لعقائده المنحرفة – تلك الفئات الخسيسة التي وضعت أحاديث وضعفت المناقب عن أصحابها واعتمدت أساليب ملتوية في التفسير- وتجديد معتقداته على يد محمد بن عبد الوهاب ومنها:
- التجسيم.
- نصب العداء الباطني والحب الظاهري لآل بيت الرسول وبخاصة علي بن أبي طالب ونقض كل فضيلة له حتى وصفوا قاتله بأنه من أعبد وأزهد الناس واجتهد مخطئا والرسول ص قال عن قاتل علي أنه “أشقى الآخرين”.
- الحط من شأن الرسول والنيل من كراماته وجعله بشرا كسائر البشر وعصا أحد حاخاماتهم خير منه “كما في الحديث المشهور”.
- إحياء التراث الأموي ومعتقداته وسياسته المبنية على العداء للإسلام والاستبداد بالسلطة، والانقياد للحكام وسوق الناس كالبهائم.
فمضوا بتكفير جميع المسلمين وجعل ديارهم ديار حرب، واستباحة أموالهم وأعراضهم جامعين بذلك صفات الخوارج والمنافقين وفتاواهم القديمة والحديثة موجودة…..
فما هي الوهابية وكيف تأسست :
الوهابية تدعي الدعوة لسنة السلف الصالح في إتباع القرآن والسنة، فنبذوا العترة وحديث الرسول بالثقلين المتفق عليه، قامت في شبه الجزيرة العربية في أواخر القرن الثاني الهجري على يد محمد بن عبد الوهاب (1703-1792) بهدف تنقية عقائد المسلمين والتخلص من العادات والممارسات التعبدية التي انتشرت في بلاد الإسلام وتراها الوهابية - كما يدعون ويزعمون - مخالفة لجوهر الإسلام التوحيدي بحسب فهمها الخاطئ ولم يراعي تلك الاعتقادات حق رعايتها بنظرة المنطق والنقد بل استعمل أسلوب النقل، ومن باب خالف تعرف، مثل التوسل والإستشفاع وزيارة القبور ومنها قبر الرسول والأولياء الصالحين، وتهديم القبور مهما كان صاحب القبر ومنها قبور الصحابة والأئمة في البقيع حتى وصل بهم الأمر أنهم أرادوا هدم قبة ضريح الرسول ص وغيره مما عدوه من البدع بكافة أشكالها أو ما يطلق عليه بشكل عام اسم “بدعة” وقسموها إلى حسنة وسيئة. أي عمليا عدم الاعتماد الكلي على المذاهب الفقهية الإسلامية والاعتماد المباشر على النص “القرآن والسنة” بفهمهم وقصور نظرهم وسطحية تفكيرهم مدللين على ذلك بأقوال نسبت زورا للأئمة الأربعة الذي فُرِض فقههم وجهلهم فرضاً لى رقاب العباد والبلاد من قبل سلاطين عصرهم وظلمة زمانهم . ونرى هاهنا نبذهم لطائفة مهمة من المسلمين هم الشيعة الذين عدوهم من الروافض واستحلوا دمائهم وأعراضهم، ثم تجاوز التكفير لكافة الطوائف الإسلامية بكافة أطيافها مؤججين وزارعين الفتنة بين الطوائف والمذاهب الإسلامية.
حركة سياسية أم مذهب ديني؟
بدأت هذه الحركة في العيينة وسرعان ما تم تنظيمها وترتيب صفوفها وهو ما يدعوا للشك والريبة خصوصا في وجود مذكرات همفر. تعاون محمد بن عبد الوهاب مع أمير نجدي اسمه محمد بن سعود (مؤسس الدولة السعودية حالياً) على حلف ديني سياسي، وكل طرف يسعى لمصلحة الطرف الآخر، فبايع محمد بن عبد الوهاب الأمير محمد بن سعود على السمع والطاعة، وبايعه الأمير محمد على نشر دعوته إذا استتب الأمر له، وهذا ما حصل فعلاً. كانت مصادمات عسكريه عنيفة بين هذه الجماعة وقبائل المنطقة من حولها، ومن ثم معارك واسعة مع العثمانيين، وهجوم على كربلاء وتهديم قبر الحسين وغيرها من المجازر حتى تم توحيد الجزيرة العربية تقريباً تحت سيطرتهم واعتمدت مذهبا رسميا للمملكة.
اعتمدت أفكار ابن عبدالوهاب بشكل عام على إحياء فكر ابن تيمية وابن القيم الجوزية الناصبي العداء لأهل البيت، أما في مجال الفقه فقد سلكت كما سلك ابن تيمية مذهب الإمام أحمد ابن حنبل بما وافق هواه حيث نراهم يعتمدون على غيره أيضا في بعض المسائل.
بالمختصر إنها دعوة جمعت التعصب وسياسة القمع والقتل وعقائديا شوائب المذاهب الأربعة.
أسلوبهم في الحوار :
- رمي من خالفوهم العقيدة من السواد الأعظم من المسلمين بأبشع الأوصاف.
- بتر وقص الأحاديث.
- تحوير الموضوع الأساسي بالهجوم على شخص المناظر لا مقارعة حججه.
- رفض الأحاديث الصحيحة التي أجمع عليها المسلمون بقول إنها كذب دون الطعن في متنها أو سندها، أو مع الطعن بالرواة لأنهم إما روافض أو اتهامهم بالكذب بهتانا وإثما مبينا، ومعظمهم أصحاب الرسول العدول.
- يقولون “باتفاق أهل العلم” دون ذكر عالما واحدا على الأقل، وإن ذكروه فتارة يمدحونه وطورا ينتقدونه.
- التمسك بأقوال مشايخهم فقط ولا رأي غيرهم، ولو رأو الدليل والبرهان والحجة القاطعة.
- لي عنق الأدلة والبراهين ليضربوا بها شرع الله المتين.
- الازدراء بباقي طوائف المسلمين، وعامة البشرية.
- تزوير المعتقدات، إتباع الهوى، الكذب، الافتراء، التدليس.
- الغلظة والفظاظة في الكلام، إضافة إلى اللف في القول والالتواء في الكلام، واختلاق الأعذار حتى لو وصل الأمر بتكذيب أحاديث الرسول الصحيحة وتصديق الأحاديث الكاذبة.
من أهداف الوهابية الغير معلنة :
لم يعد يخفى على العاقل المتنور أن الوهابية ليست حركة تصحيحية إسلامية، بل إن أهدافها الغير معلنة غدت مكشوفة، فالخلاف السني الشيعي موجود تاريخيا لكنه خلاف فقهي إما على الخلافة وأحقيتها، وإما بعض الأمور الفرعية، فغذت الوهابية هذا الخلاف وأججته عبر سوق الاتهامات لكلا الطرفين بعد تكفيرهما فمن هذه الأهداف:
- زرع التفرقة بين المسلمين وتأجيج الصراعات المذهبية فيتحقق هدف تضعيف الإسلام.
- تشويه سمعة الإسلام وتعاليمه السمحة عن طريق الممارسات المشبوهة باسم الإسلام.
- سحق آثار الوحي والرسالة عن طريق التحريف والتزوير والكذب.
بالمختصر: القضاء على الإسلام بمعناه الصحيح .
في ظل الدعم المادي الإعلامي اللامتناهي للوهابية، فركاكة العقيدة والمنهج هو ما يترنح الوهابيون في ظلاله، فتقسمت إلى عدة مذاهب وفرق. هذه الدعوة التكفيرية نهضت بيد المستعمر البريطاني بإيعاز يهودي صهيوني مناهضة للمذاهب الأربعة السنية والمذهب الشيعي فلم تجد إلا في فكر ابن تيمية وما تأرجح به على معتقدات وفتاوى الإمام أحمد تارة يناقضه وطورا يوافقه، إلا خير عقيدة ومنهج لتكفير الجميع وحصر الإسلام بالمظهر الذي يريدوه.
لماذا ابن تيمية؟ لأن ابن تيمية كان من اليزيدية وادعى زورا أنه من الحنابلة بداية الأمر، وأخرى أنه شافعي في مصر عند مناظرته وبعد إبطال دعوته وتهديده بالسجن إن لم يتوب عن عقيدته بالتجسيم. اليزيدية هي من مخلفات الأمويين في الإسلام، يرون في يزيد الفاسق الفاجر أميرا للمؤمنين وأنه لم يقتل الحسين بن علي عليه السلام وبعضهم يرى أنه أجتهد مأجورا خطأ بقتل الحسين. ولأن إبن تيمية قد كتب وبملء إرادته براءة من المعتقدات التي نادى بها وفي التجسيم على الأقل وأعلن توبته عن الحديث في ذات الله وصفاته مما يوجب الشرك وتحديده بمكان دون آخر، فاستتابوه ونكث التوبة ولدت عند الوهابيين عقدة التكفير.
لماذا محمد بن عبد الوهاب؟ لأنه بايع ابن سعود على السمع والطاعة وبايعه الأخير على نشر مذهبه إذا استتب الأمر له. فلم يكن هناك أفضل من ابن تيمية وعقائده الهشة “على قلة علمه وفهمه أمام علماء عصره والسابقين واللاحقين” لجهره العداء لأهل البيت، فالهدف الواضح للصهيونية والماسونية والمستعمر هو دك أركان الدين الإسلامي الحنيف للمقلدين وتطبيق سياسات تناسبهم ثم محاربة الدين من داخله بعد أن فشلت السياسة والحرب، بدعوى التكفير ومحاربة المرتدين وفق تعريفهم.
إذن الدعوة قديمة بعباءة جديدة، شعارها التوحيد وباطنها الكذب والخيانة، الكذب على الله ورسوله وخيانة الله ورسوله، شعارها التجديد والسير بسنن وسير السلف الصالح وباطنها العداء لله ورسوله ولأهل بيت النبي والسلف الصالح من الأصحاب الكرام ولكل ما يمت لهم بصلة حتى لو كان منقبة أو فضيلة.
الأرضية التاريخية كانت جاهزة لمن يغتنم الفرصة، العداء موجود لأهل البيت وقد قطع من لا ضمير لهم من المفروض أنهم الأمناء على تاريخ الأمة شوطا كبيرا عبر: تحريف تكذيب وضع وتدليس الأحاديث، بل حتى تفشى الأمر إلى أن فسروا القرآن بخلاف الإجماع الإسلامي المتفق عليه، شراء ذمم رواة وكتاب، قتل تعسفي، تهجير، ذبح، تعتيم إعلامي على السيرة الصحيحة منذ منع رواية الحديث عن الرسول، ولعن على المنابر لمدة 82 سنة لعلي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام إضافة إلى استضعاف كل من يظهر الحب أو الولاء لعلي، ثمانية عقود من الزمان وما قبلها كانت كفيلة بتخريج أجيال شتى ممن لا يرون الدين إلا بأنفسهم.
لماذا؟ لأن الرسالة جاءت لمحمد بن عبدالله وليس للطليق أبو سفيان أو أبيه.
نقضت الوهابية كل العادات والتقاليد بل وبعض المناسك المستحبة الإسلامية المجمع عليها كذبا منهم، فما أسهل أن تقص وتلصق أي حديث أو مقال أي كلام وتنسبه لنفسك أو لكاتب ثم تدعي غير متأثم ولا مستعظم أن الكاتب الفلاني أو الإمام الفلاني قال كذا في كتاب كذا في صفحة كذا فيمر الأمر على من لا يتحقق منه وعلى من تأخذهم الحمية العصبية الجاهلية لملة الآباء والبسطاء العوام من الناس.
كلنا لا نريد أن نكون كفارا ولأن الكفر فيه الخروج على الرحمان ودينه والخروج من دائرة رحمته رفعت الوهابية هذا الشعار، وإذا كانت الوهابية هي السير بالقرآن والسنة وسيرة السلف الصالح فأرجوا منهم تعريف السلف الصالح بالأسماء.